لم يكن أمرا مفاجئا أن يدعي أحد القضاة المتهمين في قضية محكمة المدينة أنه كان واقعا تحت تأثير السحر حين فعل ما فعل. فادعاؤه هذا ما هو إلا أمر متوقع حدوثه في مجتمع تهيمن عليه ثقافة الإيمان بالقدرات الخارقة للقوى السحرية، وينشط فيه الترويج لتلك القوى بشدة وكثافة. في مجتمع تشمر صحفه وقنواته الإعلامية المتعددة، عن ساعدها كل صباح لتنقل أخبار الرقاة وما يقومون به من جهد جهيد في فك سحر المسحورين، أو أخبار مغامرات بعض أفراد الهيئة وهم يطاردون السحرة ويكشفون عن مخابئ سحرهم، مظهرين عملهم كجهد بطولي خارق فيه إنقاذ للمسحورين الواقعين تحت تأثيرات تلك الأعمال السحرية، وليس مجرد مطاردة لكذابين ودجلة وأتباع شياطين يفسدون على الناس حياتهم بأفعالهم الوهمية تلك. في مجتمع كهذا، لا يكون مستغربا أن يشيع بين الناس التصديق بالقدرات الخارقة للقوى السحرية، وأن ينغرس في عقول كثير منهم، وليس العامة فحسب، التسليم بما قد تجيء به تلك القوى من أفعال، مهما شطح الأمر وتجاوز المعقول. في وسط ثقافي كهذا، ليس مفاجئا ولا غريبا أن يجد كل متهم عذرا له بالادعاء أنه وقع ضحية السحر!! فالملوم الأول في ادعاء ذلك القاضي بوقوعه ضحية السحر، هو المجتمع الذي يعيش فيه والذي من خلال إفراطه في تكثيف الإيمان بالقدرات السحرية، مكنه من التستر وراء ذلك الادعاء الباطل، ولولا ذاك ما جرؤ على نسج مثل هذه الأكاذيب السافرة. إنها كارثة حين تتداخل في الأذهان الحقائق الدينية مع الأكاذيب والأوهام، وهذا مع الأسف ما يحدث في مجتمعنا في مسألة الاعتقاد بالقوى السحرية، فانطلاقا من القول إن السحر ورد ذكره في القرآن الكريم يعمد البعض إلى إشاعة الترويج لقوة السحر، واتهام من ينكر ذلك بأنه منكر لما أقر به القرآن!! هذا التداخل ما بين الديني والوهمي، قاد الناس ذليلين إلى فخاخ الخوف والرهبة من أعمال السحر وسلموا لها قيادهم، اتقاء لشرها، أو ابتغاء الانتفاع بها، أو التستر وراءها لإخفاء جرائمهم ومنكراتهم. نحن في حاجة إلى حملة علمية صحيحة، تطهر أذهان الناس من الإيمان بمثل تلك الأكاذيب والادعاءات، حملة تبين للناس أنهم حين يكذبون كل من يدعي السحر، إنما هم يؤكدون إيمانهم بالله سبحانه الذي بيده تقدير كل شيء، وأن ما ورد في القرآن من ذكر للسحر لا ينبغي أن يتخذ ذريعة لتنشيط سوق العمل مع الشياطين ودعم الاعتقاد بالانتفاع من قدراتهم. حين يضحي إيمان الناس خالصا لله وحده، المسير لأقدار حياتهم، فإنه لن يجرؤ مفسد على الأرض بالقول إنه فعل ما فعل تحت غيبوبة السحر. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة