نتحدث كثيرا عن وسائل الإعلام ودورها الرائد في نهضة ورقي الأمم، ناهيك عن أثرها الفاعل في توجيه الرأي العام نحو ما يخدم أهداف وتطلعات أصحاب الحل والعقد في الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية. نحن نعلم أن وسائل الإعلام كي تكون ناجحة ومؤثرة تحتاج إلى كم وكيف. كم في عدد الوسائل المستخدمة، وكم في عدد من يعمل فيها أو ينتسب إليها، وكيف فيما يقدم فيها من رسائل يتلقاها الملأ في كل مكان، وبصور وأشكال عدة. في دراسة قدمها أحد الإعلاميين المشاركين في منتدى الصحافة العالمي السابع عشر في هامبورغ في ألمانيا الأسبوع الماضي أشار إلى أنه بالنسبة للقارة الأفريقية لا يوجد هناك نسبة وتناسب بين عدد السكان وعدد من يعملون في الإعلام، وقال إن هذه هي إحدى المشكلات الكبيرة التي تعاني منها الدول، وخاصة النامية منها، مشيرا إلى أن إثيوبيا تأتي في المرتبة الدنيا من حيث عدد الإعلاميين، بينما تتصدر جنوب أفريقيا القائمة. كان بجانبي في تلك الأثناء الزميل عبدالوهاب الفايز رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية وتساءلنا عن الوضع لدينا في المملكة، هل نملك أعدادا كافية من الصحفيين مقارنة بعدد السكان، وهل هم قادرون على حمل الرسالة الإعلامية والتعامل معها بكل مهنية أم لا. أشار أبو نواف إلى أنه لا يوجد جواب على هذا السؤال وأن الموضوع حري بالدراسة والتأمل، ولعله يتبنى مثل هذا المشروع ويطلعنا على نتائج نحن بحاجة إليها في توجيه الرأي العام، إضافة إلى أبعادها الاقتصادية في سوق الإعلان. بالنظر إلى المتوفر لدينا في الساحة الإعلامية بمختلف وسائلها القديمة والحديثة نجد أن لدينا نقصا مشاهدا في عدد الصحف اليومية، ولدينا أيضا نقص في عدد محطات الإذاعة والقنوات التلفزيونية الخاصة التي تبث من داخل المملكة وتتحقق فيها الوطنية والانتماء وسمو الهدف منهجا ورسالة. لماذا نفكر فقط في زيادة صحف المؤسسات الكبيرة التي أيضا لدينا منها عدد قليل. لماذا لا يكون هناك صحيفة صغيرة في كل محافظة تخدم أهدافها وتبقي ساكنيها على تواصل مع بعضهم البعض ومع العالم الخارجي. ولماذا لا يكون هناك إذاعات إقليمية ومحطات تلفزة محدودة المدى تخص بعض المناطق. علينا كمواطنين ومستثمرين أن نخوض التجربة بعد إخضاعها لدراسة شاملة، ولا نستعجل النتائج. وعلى القطاعين الحكومي والأهلي أن يقوما بدورهما كاملا في هذا الاتجاه. إذا لم نقدم على هذه الخطوة لن تتحقق النسبة المقبولة في عدد الإعلاميين مقارنة بعدد السكان وزيادة عدد الوسائل الإعلامية ومنشآتها سيؤدي حتما إلى توفير فرص عمل كثيرة للخريجين، وقيام مؤسسات تعليمية وتدريبية رفيعة المستوى، كما سيؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع مستوى المعرفة والاطلاع لدى المواطن بصرف النظر عن المكان الذي يقيم فيه، وتكون نهاية المطاف حراك إعلامي كبير توفرت له كل مقومات النجاح التي يحتاجها. [email protected]