يشعر القارىء إزاء محاولة تقديم عرض أدبي نقدي لمجموعة سوزان عليوان «ما يفوق الوصف»، بأن في محاولة من هذا النوع ظلمين؛ الأول ظلم للشعر نفسه الذي يعبر عن عوالمه بأفضل لغة، ولا يمكن الإضافة إليه بمعنى اضفاء مزيد من الكشف عن جمالياته.. فينبغي علينا أن نتركه يتكلم. أما الثاني فقد يكون وإلى حد بعيد ظلما للقارىء الناقد ذاته.. إذ يفرض على نفسه تنكب مشقة لا جدوى منها ولا معنى لها. فمن الناحية الإيجابية لا يمكن تجاوز الاعتراف بقدرة هذا النص الشعري على رسم عوالمه ومشاعر صاحبته. أما من الناحية السلبية إذ يفترض البعض توهما أن النقد هو الانتقاد وهو عندهم واجب وحتمي فيبدو من السخافة بمكان أن تقول لشاعر ما الذي عليه أن يشعر به أو يفكر فيه. فكل ما يحق لك أن تطالبه به هو أن ينقل تجاربه بجمال وإيحاء. وهذا ما تفعله سوزان عليوان في شعرها عامة وقد فعلته أيضا في هذه المجموعة بالذات. إلا أننا نستطيع القول إن عليوان في «ما يفوق الوصف» عاشت وجعلت القارىء يعيش في ما قد يصح أن يوصف بأنه عالم واحد. أنه عالم من الحب والأمل والأسى والمرارة الهادئة ازاء حركة الزمن والأيام الآفلة. تتسم قصائد عليوان هنا بما يتسم به شعرها عادة من مشاعر مرهفة متميزة في التعبير عن نفسها وصور موحية تخرج من الأعماق وبقدرة على أن تجعل الفكرة عندها تخرج في شكل مشاعر وصور لا في شكل قوالب جاهزة جامدة. إنها تخرج ما في نفسها حارا أنيقا موحيا. وردت المجموعة في 155 صفحة صغيرة القطع وفي طبعة خاصة كتبت الشاعرة الفنانة التشكيلية أيضا خطوط عنوانها بما جعل الغلاف أقرب إلى لوحة فنية. أما القصائد فقد بلغ عددها 43 قصيدة.