كثيرا ما رددنا كلمة «صدفة» كتفسير على أمور نادرة الحدوث، أو على ما هو غير متوقع، ولكن ما الذي نعنيه إذ نقول: «صدفة»؟ بعد بحث مضنٍ لتفسير علمي لكلمة «صدفة»؛ لأن المراجع العربية لا تساعدك، وقعت على كلام لعالم «السبرنيتية أو علم التحكم الدكتور الروسي (ليونارد راستريغين)، وهو أول مسؤول عن أول معمل لدراسة العشوائية وبحث الفوضى»، فما الذي قاله هذا العالم الذي لم يحترم مشاعرنا نحن مرددي كلمة «صدفة»؟ يقول الدكتور ليونارد في إجابته على سؤال ما هي المصادفة: «في البداية وقبل كل شيء هي (لا توقعية جهلنا)، الراجعة إلى المعلومات الرديئة التي بحوزتنا، والراجعة إلى غياب البيانات الضرورية، وإلى نقص معرفتنا الأساسية». ثم يصدمنا وبلا إنسانية إذ يقول: «هكذا نعرف المصادفة بأنها مقياس للجهل»، أي مقياس لجهلنا، فكلما نقصت المعلومات التي لدينا حول موضوع ما، كان سلوكه سلوك المصادفة، وبالعكس، توفرت المعلومات التي نعرفها حوله، قلت سلوكيات المصادفة، وازدادت قدرتنا على توقع سلوكه المستقبلي. ثم يفصل بأمثلة معقدة جدا ليؤكد ما ذهب إليه، ولأن أمثلته معقدة يمكن تبسيط الأمر بلعبة، فأنت حين تلعب مع صديقك بعملة نقدية وترميها للأعلى بعد أن يختار كل منكما «كتابة أو رقم»، إن جاء ما اخترته أنت مرتين، فظن بك صديقك كل الظنون، وقرر أن يرمي هو العملة، ومع هذا جاء ما اخترته أنت، سيقول لك: صدفة، فيما أنت ستتمنى لو أن حظك هذا في أمور أخرى، ولكن هل ما حدث لك مرتبط بالصدفة أم بالجهل؟ إن هذه العملية وإن بدت لنا أنها بدائية، إلا أنها معقدة جدا، فأنت لكي تعرف ما الذي سينتج عن رمي العملة كل مرة؟ تحتاج لمعرفة نوع المعدن وآلية ارتطامه ونوع الأرض وهل هي صلبة أم ترابية، وقوة اليد الرامية، والحالة النفسية للرامي المؤثرة على قوة الدفع، ثم تأثير الرياح على دوران العملة في الهواء، وحين تملك معلومات كاملة حول كل هذا، ستعرف كل مرة ما الذي سينتج عن رمي العملة. إذن القضية هنا ليست صدفة، بقدر ما هو جهل، صنعه كسلنا، لهذا علينا أن نلغي هذه الكلمة، وبدل أن نقول: ما حدث صدفة، علينا أن نعترف بجهلنا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة