كيف أصبحنا وأمسينا في هذا العالم الذي نعيش فيه، نشعر بالغربة رغم أننا وسط الأهل والأصدقاء، عالم يطبع عليه الغالب المادي والمصالح الشخصية، الكل يحاول أن يضيق الخناق على أخيه ويتفنن بكيفية تضييق الخناق والتنكيد، وضاعت الألفة والمحبة وفقدنا النخوة والرحمة واستبدلناها بالقسوة والجبروت، صار الكل يتصيد أخطاء الآخرين، بعدنا عن تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء، ولا تعرف الأسباب، وهي أسباب سخيفة لو عرفت جذورها وأصولها. فماذا حدث حتى بقينا غرباء عن بعضنا؟ بعدنا خطوات شاسعة عن الحب ونسينا معنى الحب ومفعوله وسحره.. هل تذكرون كيف كان أبناء الحارة يعيشون مع بعضهم بالحب رغم ظروف الحياة الصعبة؟ لا أظن أن الحب اندثر، بل أزيل من القلوب مؤقتا، فالحب مدفون ويحتاج من يرويه حتى ينمو وينتعش. كل إنسان لديه حكاية مع الحب متقطعة أو متصلة بالقلوب. بعض الناس يملكون القلوب ولهم سحر غريب يؤثرون فيك يحبونك في الله وتحبهم فيه، فالحب يمر بينك وبينهم بسهولة ويسر ولا تملك إلا أن تعجب به من غير إرادة أفعاله تجبرك على حبه واحترامه. فكيف مر حبه إلى قلبك من غير ما تشعر؟ الرسول صلى الله عليه وسلم قدم لنا أروع الوصفات حتى يمر حبك لقلوب الناس وتعيش بقلوبهم وتنال ودهم واحترامهم وتشعر بأنك سعيد بهذه الحياة حتى لو كانت الابتسامة على شفتيك وبقلبك كثير من الألم الذي يتسبب لك من المضايقات بسبب هذا الحب وكثر حسادك الذين لم يقدروا على كسب حبة الناس. الوصفة التي أتبعها وأحاول تطبيقها في حياتي حتى أشعر بالسعادة سهلة وبسيطة. تبدأ هذه الوصفة السحرية بتحية الإسلام لكل من تقابل من الناس من تعرفه أو لا تعرفه، وتتبعها بابتسامة خفيفة والحفاوة والترحيب بكلمات بسيطة لا تكلف شيئا، وتخلص في عملك وتجتهد لتبسيط حياة الناس وتتواضع لله ولا تتكبر، وتقدر الكبير وتحترم الصغير ولا تجرح مشاعر الآخرين حتى لا تخسرهم بسبب تافه، وتكن لين الجانب مع زملائك بما لا يضر بمصلحة العمل وتتحدث لهم بلطف مع بسيط من الفكاهة المرحة البريئة، تسامح مع المخطئ عليك حاول معالجة الأمور بيسر وروية وتساعد من يحتاجك بما لا يضر بالمصلحة العامة بعيدا عن المنة، وكن حسن المظهر بعيدا عن التكلف والكبرياء والريا وابعد عن النفاق والكذب وكن صادق الوعد ولا تخلف المواعيد واحترم عقول الآخرين ولا تستخف بهم. شارك الناس أفراحهم و أحزانهم، قف معهم وقفة صادقة وخفف عن الحزين حزنه وكن معه لا عليه حتى يتجاوز أزمته. كثير من الأمور السهلة غير الممتنعة تستطيع أن تمرر حبك بها لقلوب الناس وتردد وفضلت أعيش في قلوب الناس. فعلا الحب يمر من هذه الأشياء التي هذبنا بها الإسلام. مرروا حبكم لقلوب الناس حتى نعيش في المدينة الفاضلة بدون أحقاد يجمعنا الحب في الله. بدأت أطبق هذه الوصفة مع طلابي منذ زمن بعيد وأشعر بسعادة عارمة تجتاحني عندما أرى ابتسامتهم وتزداد سعادتي بحصولهم على الدرجة العلمية ورسمة البسمة على شفاه والديهم بتفوقهم ونجاحهم، وكل يوم يمر، الحمد لله، يزيد محبيني، أميل أن أكون فردا منهم أحس بأحاسيسهم وأعيش واقعهم لا أشعر بغربة بينهم، وتجمعني بيني وبينهم الصداقة والمحبة في الله. د. حمزة بن علي أبوجبل قسم الرياضيات جامعة الملك عبد العزيز