في عمل يستدعي نضال بناء أمة جديدة في جنوب أفريقيا، تتقاطع مع عهد الفصل العنصري، تكمن أصالة العمل السينمائي (INVICTUS) في مقاربته لموضوع سياسي شديد الحساسية يتعلق بالصراع من أجل إنهاء نظام التمييز العنصري السابق في جنوب أفريقيا، من زاوية لم يتم التطرق لها تقليديا في السينما العالمية، وهي قصة رهان الزعيم نيلسون مانديلا، الذي يجسد دوره الممثل الأمريكي مورغان فريمان، على الرياضة كواجهة لإعادة جمع شتات المجتمع وسد الفجوات والانقسامات التي كرستها حقبة التمييز العنصري. يبدو العمل من هذه الزاوية، مكملا لأجواء فيلم كلينت إيستوود (Million dollar baby)، الذي حاز على أوسكار أفضل فيلم عام 1994؛ ففي هذا الأخير تبدو الرياضة سبيلا لتحقيق الذات الفردية، وإيجاد موقع داخل المجتمع، بينما تعد الرياضة في هذا الفيلم سبيلا لتحقيق الذات الجماعية، وتعزيز الهوية الوطنية الجريحة. الفيلم بسيط من الناحية السردية، دون انعطافات أو توترات كثيرة لإبراز الطاقات لممثلين بقامة فريمان وديمون، غير أن ذلك لم يحل دون الاستمتاع بالتقمص الحركي البارع الذي أبداه فريمان في جلد مانديلا، وبالتوتر الداخلي لمات ديمون، في دور فرانسوا قائد المنتخب الجنوب أفريقي للركبي، لقاء بين مانديلا وفرانسوا سيتحول إلى ميثاق لربح رهان يهم ملايين الجنوب أفريقيين. وبينما يتقدم الفريق نحو تحقيق الحلم، تكون حواجز كبرى قد تحطمت أمام حلم مانديلا؛ الأسرة البيضاء لم تحجز تذاكرها الأربعة المعتادة لمشاهدة المباراة، بل أضافت خامسة للخادمة السوداء، عناصر الشرطة البيض الذين يتابعون المباراة داخل سيارتهم رحبوا بمشرد أسود ليشاركهم فرحة الفوز، والكأس رفعتها أياد بيضاء وسوداء عكست الألوان الجديدةلجنوب أفريقيا. كلينت إيستوود، القناص البارع للحكايات المثيرة، استلهم فيلمه من كتاب صدر عام 2008 بعنوان (اللعب مع الخصم: نيلسون مانديلا واللعبة التي صنعت أمة) للصحافي الجنوب أفريقي، جون كارلين، الذي جاور الزعيم الأفريقي عن قرب خلال التسعينيات.