مر يوم الشعر العالمي خجولا في الساحة الثقافية العربية عامة والمملكة خاصة، حيث بدا هناك غياب شبه كامل عن هذه المناسبة السنوية التي صادف مرورها أمس، فباستثناء أمسية شعرية دعا إليها نادي الشرقية الأدبي، وأمسية أخرى يشهدها نادي الباحة الأدبي الليلة، فلا يوم للشعر في المملكة. وبدا في هذا السياق، بيان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) أمس عن أهمية الشعر في الثقافات الإنسانية، خطابا غريبا، وكأنه لا يعني أحدا. فعن أي مناسبة تتحدث المنظمة؟ وهل ثمة من يهتم بالشعر؟ أو هل ثمة أحد انتبه لهذه المناسبة في عالم عربي معظم مكونات إرثه الثقافي شعرا؟. أسئلة قاسية تطرح نفسها في وقت دخلت فيها مشاعر الإنسان ثلاجة ثورة التقنية، وعصر العولمة الذي يجتاح كل شيء أمامه. (الألكسو) أشارت في بيانها إلى دور الشعر «في الإبقاء على تألق الكلمة لتواصل فعلها في بث قيم الخير والعدل والتسامح والتقارب بين الثقافات المتعددة بما يرسخ قيم الحوار والتلاقي والتفاهم». واعتبرت بمناسبة اليوم العالمي للشعر الذي أقرته منظمة اليونسكو في 21 مارس من كل عام، «أن الشعر تعبير عن واقع الإنسان وهمومه، ومشاعره، وهو دعوة متواصلة لتحرير الإنسان من كل ما يعيق تقدمه وانخراطه في بناء الحضارة، والمحافظة على عمقها الثقافي من أجل المساهمة في إرساء السلام». ولم تنس المنظمة في بيانها تذكير العرب بعلاقتهم الوطيدة مع الشعر عبر التاريخ، حيث ذكرت «أن الشعر والشعراء العرب تمكنوا من الثبات والوجود عبر الرسوخ في الذهنية الثقافية العربية إلى درجة أنه أصبح من العسير الفصل بين لغة الضاد والشعر عند العرب». وشاءت المنظمة أن تدعو في ختام بيانها «إلى مواصلة الاعتناء بالشعر في الوطن العربي، وإلى الحضور الفاعل في هذا المضمار بتشجيع الشعراء والاعتناء بهم، وفتح آفاق الإبداع أمامهم، والتواصل مع الإبداعات الشعرية في العالم، والأخذ منها، والتأثير فيها حتى يكون للشعر العربي الإشعاع الواسع، والحضور الكبير»، معتبرة «أن الاهتمام بالشعر هو اهتمام باللغة العربية، التي تمثل لسان العرب والعنصر الأساسي من هويتهم الثقافية والحضارية». لا يسع المرء إلا أن يشكر المنظمة على هذا البيان الاحتفائي، إلا أن السؤال المر الذي ينبثق كشوكة في هذا الأطار، على من تطلق مزاميرك يا داوود!.