في بعض الأحيان يبادر بعض الدعاة أو الفقهاء أو المفسرين أو غيرهم من المتعاملين مع النصوص الدينية، إلى تعليل الأحكام التي ترد في النصوص دون تعليل لها، فيضفي عليها من (رأيه) ما يراه مبررا أو ممثلا لمقاصد الحكم، ويتعامل مع ذلك وكأنه الحق واليقين الذي لا شك فيه على الإطلاق، ثم يأخذ في المجادلة والسعي إلى الإقناع بصحة تلك الأحكام مستعينا بما وضعه لها من تبريرات ومقاصد. وهذا الأسلوب منتشر وشائع لدى كثيرين عند التعامل مع الأحكام غير المعللة، مثل التعدد وجعل الطلاق في يد الرجل واختلاف نصيب الذكر عن الأنثى في الميراث وغيرها من الأحكام التي ورد فيها نص بلا تعليل. وعلى الرغم من أن المؤمن عليه أن يلتزم بالحكم الذي ورد فيه نص قطعي، طاعة لله وعبادة له من غير حاجة لتبرير أو تعليل، إلا أن أولئك المعللين يظنون أن إيراد التعليل يجعل العبد يلتزم وهو مقتنع أو راض، وينسون أن تعليلاتهم وتبريراتهم ليست دائما مقنعة أو مرضية، وقد يقعون بسببها في خطأ كبير، وذلك حين تأتي مخالفة للواقع أو ساذجة أو مغايرة للمنطق، فيسيئون إلى الدين بفعلهم ذلك. وقد استسخف الفقيه الأندلسي ابن حزم، هذا الأسلوب في تعليل الأحكام غير المعللة ووصفه بأنه جرأة على الله في الادعاء بمعرفة مقصده، وكأنه سبحانه أطلعهم على ما يريد! ورغم أن ما يقوله ابن حزم كاف وحده للامتناع عن الاستمرار في القول بمعرفة الحكمة والمقصد من النص الشرعي الذي لم يرد فيه تعليل، إلا أن المعللين ما زالوا يتنامون جيلا بعد جيل، يسيرون على خطو من لقنهم ذلك من مشايخهم، فكلما أرادوا أن يقنعوا الناس بالالتزام بحكم شرعي، جاءوا من عند أنفسهم بما يرونه تعليلا لذلك الحكم ومقصدا من مقاصده، وأخذوا يلقنونه للسذج والبسطاء من عامة الناس ليتلقفوه عنهم مرددين له، رافعين من قدره إلى مرتبة تماثل الحكم ذاته، وغني عن القول إنه لا أحد يمكنه الادعاء أنه يعلم الحكمة من حكم من الأحكام ما لم يرد في ذلك تعليل واضح في القرآن أو السنة الثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام. فضلا عما في ذلك من إساءة إلى الدين فيما لو كانت التعليلات ساذجة، ينقضها الواقع والعقل. وذلك كما فعل أحد الدعاة المعاصرين قبل أيام قليلة، حين عمد إلى تعليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرة) بكون المرأة، «تغلب عليها الرحمة والشفقة والحنان والضعف والتردد والخوف وتمر بظروف لا تسمح لها باتخاذ القرارات المصيرية الكبرى». وتعليل كهذا يظهر لسامعه في غاية السذاجة، لما ينقضه من نماذج في الواقع الحي، مليئة بالقوة والحنكة والبراعة، ويكفي أن أكبر دولة في العالم المتقدم، هي الولاياتالمتحدةالأمريكية، يكاد يكون منصب وزير الخارجية فيها محجوزا للنساء يتناوبن عليه، ومن المعروف أن وزارة الخارجية منصب في عمق السياسة وفي حاجة إلى دهاء ومناورات دبلوماسية عالية، فهل يعقل أن تسند أمريكا زمام سياستها الحساس إلى من لسن مؤهلات (بيولوجيا) للامساك به؟ فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة