الطلاب القادمون للدراسة في جامعة الملك عبدالعزيز من خارج مدينة جدة، يقضون حياتهم بعيدا عن أهاليهم وأصدقائهم. كيف يحتملون العيش وسط مجموعات شبابية؟ وكيف يقضون يومهم في شققهم؟. يجمع الطلاب أن روتينهم اليومي يتوزع ما بين الدراسة واللعب والمعسل و«الإنترنت»، ويؤلمهم البعد عن الأهل، ولكن في سبيل العلم يحتملون الوضع، فيما تمضي حياتهم رتيبة بلا خصوصية وهاجسهم المكافأة البسيطة. السكن الجامعي مرتضى فهد النخلي (21 عاما) من المدينةالمنورة سنة تحضيرية يقول: ظروفي أجبرتني على المجيء إلى جدة لإكمال دراستي، حيث بدأت معاناتي فبعد أن كانت حياتي منسقة أصبحت عشوائية وليس فيها أي ترتيب، أضف إلى ذلك الحالة النفسية السيئة التي تنتابني بين الحين والآخر، ولا أخفيك سرا أنني قدمت على سكن الجامعة، لأوفر من مصروفي اليومي، فكما يعلم الجميع الإيجارات في ارتفاع مستمر، خصوصا في جدة، لكن كل مرة إدارة الجامعة ترد «انتظر دورك»، ولا أعلم لماذا لدي إحساس بأنني سوف أتخرج دون الحصول على حقي كطالب في السكن. ويضيف، المكافأة التي أتقاضاها من الجامعة لا تتعدى ال 900 ريال، وأسكن شقة إيجارها الشهري ألف ريال، ولكن تقسيمها على شخصين يهون الأمر قليلا، ولكن حياتنا بصراحة بائسة، وحتى أكسر الروتين اليومي الممل سجلت في معهد متخصص لتعليم الإنجليزية باشتراك رمزي، كيلا أحس بالفراغ فأنا أداوم يومين في الجامعة وباقي الأسبوع لدي فراغ قاتل. البديل لأمهاتنا ويتحدث أمجد المالكي (20 عاما) من أضم طالب في الكلية الصحية قائلا: يبدأ دوامي في الجامعة من الرابعة عصرا وحتى الثامنة مساء وأحيانا للتاسعة، وبعدها يكون اليوم كله ملكي، فإما أتجه لممارسة هوايتي المفضلة كرة القدم مع زملائي في الجامعة، إضافة لبعض الأصدقاء من خارج الجامعة، ولكن ما يؤلمني الوحدة والبعد عن أضم التي يفصل بيني وبينها ما يقارب ال 300 كيلو متر، صحيح أن ابن عمي يسكن معي وكذلك ابن خالي، ولكني رهين الوحدة والعزلة عن عائلتي وإخواني وأحبابي، فأنا تعودت على الجو الأسري الدافئ وفجأة انقطعت عنه. ويضيف المالكي: مايضاعف معاناتي أنني لا أملك سيارة تعينني على قضاء حوائجي بشكل كامل فأعتمد على الجوال، لتلبية طلباتي من البقالة الصغيرة التي تتوسط الحي بجانب سكني والذي بدوره قريب من الجامعة، أما بالنسبة للأكل فلا غنى عن المطاعم المنتشرة على طول الطريق العام والمقابل للجامعة والتي نطلق عليها اسم «أمهاتنا»، وفي نهاية الأسبوع انطلق إلى مكة حيث أقضي الأوقات هناك من الأربعاء إلى الجمعة ومن ثم أعود لسكني في جدة. أوضاع صعبة ويروي يوسف محيميد الزيلعي (21 عاما) كلية إدارة وإقتصاد تخصص قانون: منذ قدمت قبل عامين من المدينةالمنورة إلى جدة وأنا أعاني البعد العائلي، ولكن مع مرور الوقت تأقلمت مع الوضع وليس بشكل كامل، فمازلت أتحيل الفرص للسفر إلى المدينة والمكوث مع عائلتي ولو ليوم واحد. وعن وضعه في المنزل يقول يوسف أتقاسم مع زميل لي غرفة صغيرة لا يكسر صمتها إلا ضجيج التلفزيون ومكيف الهواء، وفي حالة إحساسنا بالملل نتجه لخارج العمارة لاستنشاق هواء نقي، خصوصا أن أغلب سكان العمارة يستخدمون المعسل والشيشة بشكل مكثف، ما أثر على الجو العام وأنا مثلي مثل بقية زملائي الذين ينتظرون السكن الجامعي، لأوفر ولو جزءا بسيطا من مكافأة الجامعة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فأنا أتقاضى مكافأة لا تتجاوز ال 850 ريالا، وفي المقابل لدينا مصاريف تتجاوز أربعة إلى خمسة أضعاف هذا المبلغ منها مصاريف الأكل والشرب والسكن والكتب والملابس وغيرها.