«ما كل ما يتمنى المرء يدركه: تجري الرياح بما لا تشتهي السفن». هذا هو حال لسان كثير من موظفي المراتب الصغرى الذين يرددون بيت المتنبي الشهير. فهم يشكون أن التجار استبقوا الإضافة الأخيرة لبدل غلاء المعيشة لموظفي الدولة، التي كانت قد أقرت قبل ثلاث سنوات والتي من المنتظر أن تصعد رواتب موظفي الدولة اعتبارا من الشهر الجاري بنسبة خمسة في المائة، برفع أسعار العديد من السلع الاستهلاكية. وكانت الدولة أقرت قبل ثلاث سنوات زيادة رواتب منسوبي الجهات والأجهزة والقطاعات العاملة للدولة بواقع 15 في المائة، نتيجة غلاء الأسعار الذي جاء مواكبا لموجة تضخم متصاعدة، متأثرة بعوامل الاقتصاد العالمي، لكنها عمدت إلى تطبيقها تدريجيا بواقع خمسة في المائة على مدى ثلاث سنوات متتالية. وقال ل«عكاظ» عدد من الموظفين من أصحاب المراتب الدنيا، لقد سارع التجار إلى رفع الأسعار من بداية العام الهجري الجديد مستبقين الدفعة الأخيرة في بدل غلاء المعيشة، فأصبحت العلاقة طردية زيادة في الأجور وزيادة الأسعار. وأضافوا أن بدل الغلاء لدى أغلبهم، وهم أكثر الفئات تضررا من ارتفاع الأسعار، لا يتجاوز 150 ريالا، في حين أن أسعار السكر على سبيل المثال زادت أكثر من 11في المائة في شهر واحد. الموظف أحمد الزهراني يقول: إن راتبه الأساسي يقارب 2700 ريال أي أن زيادته لا تتجاوز 135 ريالا، وتساءل: ماذا تفعل في غلاء الأسعار الذي يعيشه رب أسرة وأطفال، في الوقت الذي عمدت فيه شركات الدواجن إلى رفع أسعار منتجاتها، وكذلك السكر الذي ارتفعت أسعاره حتى المبيدات الحشرية لم تسلم من زيادة الأسعار. ويضيف عبد الله الشمراني، الذي يعمل حارسا في إحدى المدارس ولديه أسرة مكونة من ستة أشخاص، وزيادته لا تتجاوز 125 ريالا، كيف أواجه ارتفاع الأسعار بهذه الزيادة البسيطة؟ سؤال يطرحه على التجار الذين سارعوا برفع الأسعار. وتساءل عبده مجرشي عن جدوى مؤشر الأسعار الذي أعلنت وزارة التجارة نيتها إطلاقه، ما دامت هناك اتفاقات ضمنية بين معظم التجار حول رفع الأسعار، فما أن يبدأ أحدهم برفع سعره حتى يسارع البقية للرفع، وهذا ما يقلل من المنافسة بين التجار، وحجتهم في ذلك ارتفاع التكاليف، وهذا ادعاء باطل وغير صحيح. ويضيف إن معظم مراكز بيع المواد الغذائية تعلن عن أسعار منافسة، لكنك تفاجأ بتغير هذه السلع أو انتهاء الكمية التي تم العرض عليها، لأنها أصلا غير موجودة، أو أن الفرق عبارة عن هلالات لا تسمن ولا تغني من جوع. من جهته، يقول معلا الحربي إنه يتابع بشكل مستمر نشرات العروض التي توزعها مراكز المواد الغذائية الكبرى، ولعل ما يلاحظ فيها أن الأسعار دائما تتكون من رقمين أحدهما صحيح وبجانبه 95هللة. بمعنى أن التخفيض لم يتجاوز 5 هلالات، ويتساءل: أين دور وزارة التجارة وحماية المستهلك في الرقابة على الأسعار. ويطالب بتبني مراكز وجمعيات تعاونية تقدم سلعا لهذه الفئة محدودي الدخل، التي لا تستطيع مجاراة ذوي الدخول العالية، بأسعار رمزية تتوافق مع دخولهم. وبمواجهة وكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون المستهلك عبد الرحمن العبد الرزاق بهذه التساؤلات والمطالب اعتذر عن عدم الإجابة قائلا: «لا توجد لدي صلاحية للتعليق أو التصريح حول هذا الموضوع، مضيفا أن وكيل الوزارة المساعد صالح الخليل، ربما لديه معلومات مفصلة، مضيفا أنه في اجتماع».