ما أن ينجح ممثل في أداء دور شخصية ما، حتى تبدأ لعنة السينما العربية، بأفكارها المتخثرة، في مطاردته إلى القبر، لا يحدث ذلك في السينما فقط، لكنه في السينما، وفن التمثيل، يأخذ صورته الأوضح، حدث ذلك مع كثيرين، مع يونس شلبي (اللي ما بيجمعش)، وقبله مع محمود المليجي، الذي لم ينقذه غير يوسف شاهين، في فيلم الأرض، ومع كرم مطاوع، الذي لا أستثني من أعماله، غير دوره في فيلم سيد درويش، وفيما عدا هذا الفيلم، فقد أدى كل الأدوار بشخصيات متعددة، لكن بمشاعر وطريقة أداء واحدة، وظلت أمينة رزق حبيسة الدور الواحد، إلى أن ماتت وحيدة، ولم يشفع لها اكتشاف فؤاد المهندس المتأخر، لطاقاتها الكوميدية في مسرحية (إنها حقا عائلة محترمة)، واليوم يتم ذبح موهبة خطيرة، مثل موهبة حسن حسني، بنفس السكين غير الحادة، والمصنوعة برداءة بائخة، وانتظروا غدا، أو بعد غد، موت موهبة رائعة لممثل مصري موهوب جدا، اسمه عمرو عبد الجليل، الذي بدأ حياته السينمائية، ببطولة مع يوسف شاهين، في أحد أهم أفلامه على الإطلاق (إسكندرية كمان وكمان)، لم تكن بطولة مطلقة طبعا، فهذه ليست من مزايا أفلام شاهين، لكنها كانت بطولة على أية حال، يومها كان عمرو عبد الجليل شابا، شديد الوسامة وممثلا جيدا، رغم أن عددا من النقاد، عاب على الفيلم إسناد هذا الدور، لممثل قالوا إنه أقل مهارة مما يجب، بعد هذا الفيلم أصابه اللعنة التي يسمونها لعنة أبطال يوسف شاهين، الممثل الشاب، فلم يجد أدوارا مناسبة أبدا، واكتفى بأدوار صغيرة، في أفلام عادية جدا، حتى اقترب من الاختفاء تماما، وفجأة أعاد تلميذ شاهين، المخرج خالد يوسف، اكتشاف عمرو عبد الجليل من جديد، لم يكن هو نفسه الشاب الوسيم، فقد كبر في السن قليلا، وتغيرت ملامحه كثيرا، لم تتغير فحسب، لكنها انقلبت عليه، وصار أقرب إلى البشاعة منه إلى أي شيء آخر، بالرغم من كل ذلك، فقد لعب دورا مهما، وقدم أداء رائعا، ومذهلا، في فيلم (حين ميسرة)، ولكنه في فيلم (دكان شحاته) لنفس المخرج، أعاد بالحرف، وبالكربون، نفس شخصيته في (حين ميسرة)، وهي شخصية شعبية، لافتة للنظر، تشبه شخصية (اللمبي) لمحمد سعد، في بعض ملامحها، وكان لا بد لهذا النجاح من استثمار، وها هي الأخبار تقول إن عمرو عبد الجليل، في طريقه إلى البطولة المطلقة، وهو أمر مفرح، لولا أنني خائف، من أن تكون هذه البطولة، هي بداية النهاية لهذا الفنان الموهوب، ففي أغلب الأحوال، سوف نشاهد عمرو عبد الجليل، يعيد نفس الشخصية، التي سوف تتلبسه طويلا، وشيئا فشيئا، تصبح الحلوى مكشوفة، والحلوى المكشوفة، مضرة، ولا يجتمع حولها غير الذباب ... صندوق بريد: 375225 الرياض الرمز البريدي: 11335 [email protected]