• اختلط الأمر على أهل جدة، ولم يعد يعرفون حقيقة ما جرى لهم ولمدينتهم، وسط هذه التبريرات التي كان آخرها تصريح للمهندس سمير باصبرين يحمل لصوص الأراضي مسؤولية نهب بطون الأودية. • وقبله حمل التنصل من المسؤولية على الجرار، لاسيما من قبل الأمانة، التي لم تزل تتعامل مع أخطائها برفض قاطع لتحمل مسؤوليتها، بعد أن أدينت إعلاميا وشعبيا بأنها أساس الكارثة. • إذا سلمنا جدلا بأن هناك لصوصا نهبوا بطون الأودية، فمن منح هؤلاء اللصوص تصريحات بناء وتصريحات اعتماد المخطط؟ ومن قدم لهم خدمة الاستنارة بكهرباء لم تأت إلا من خلال موافقة الأمانة؟ • لقد قال رئيس لجنة التعديات في محافظة جدة المهندس سمير باصبرين «عشر الحقيقة»، وترك باب التسعة أعشار مفتوحا على أكثر من جهة. • جدة وموتاها وأهلها الحزانى لم يكونوا ينتظرون من مسؤولي ما بعد الكارثة التسابق على جلدها بتصريحات ظاهرها توضيح حقائق، وباطنها إساءة للمتضررين من الكارثة. • فثمة أسر لملمت أحزانها، وأخرى لم تزل تبحث عن ضحاياها، وثالثة تعيش الصدمة بكل مدلولاتها من هول الفاجعة، ففضلا أجلوا أقوالكم إلى أن تدفن جدة أمواتها. • فمشاعر الناس يجب أن تحترم، ويجب أن تقدر، ويجب أن نواسيها بالكلام الطيب، أما أن يحمل الموتى مسؤولية ما حدث فهذه فرية من الأحياء ضد الأموات، والأمر متروك هنا لضمائر الأحياء التي أتمنى ألا تموت هربا من الاعتراف بالأخطاء. • نريد معالجة، ونريد تصحيحا، لا نريد تصريحات تتغير فيها الصور والكلام واحد. •نريد البحث عن المفقود، ونريد إعادة إعمار المناطق المنكوبة، ونريد تأجيل هذه الأحاديث وهذه التصريحات إلى أن تجاوز جدة حزنها. • فالمرحلة حساسة، ولا يمكن أن تحتمل فذلكة مسؤول، أو تنظير آخر همه أن يموت الكل ويبقى متوسدا كرسي المسؤولية، وما أدراك ما كرسي المسؤولية. • جدة التي أخلصت لكل أهلها وكل زوارها، وجسدت مقولة أنا ثغر الوطن الباسم على أرض الواقع، أجزم بأنها جديرة بهذا الالتفاف الإعلامي، وجديرة بهذه المشاعر؛ لكنها لن تصفح طال الزمن أو قصر عن من خانها. • والخيانة التي ارتكبت بحق جدة لها عدة أوجه، أكثرها بشاعة جثث الموتى التي وجد بعضها، والبعض الآخر إما أن ابتلعتها الأرض أو الحوت. • قصص وروايات من وحي الكارثة تروى وتحكى، ذكرتني أغلبها بالأساطير، لكن الفرق أن رواية جدة هذه المرة حقيقية لا علاقة لها بالأسطورة. • أومن وأؤكد وأعترف أن كل شيء قضاء وقدر، فنحن نؤمن بالقدر خيره وشره. • الاعتراض فقط هنا على خطاب آخر أساء لجدة وأهلها، ولم يحترم مشاعر الأسر المكلومة، هذا الخطاب ربط الكارثة بمفسدات وعهر جدة. •تصوروا هناك من قال باسم الدين إن جدة فاسدة وعاهرة وكان لابد من ابتلاء حتى تصحى الضمائر. • أعجبني المفكر الدكتور سلمان العودة، حينما رد على هذه الكلمات بقوله لا يجوز مثل هذا الكلام، فأما أن يقال والكلام للعودة في مثل هذه الكارثة خيرا أو أن الصمت أفضل. • لقد كنت أتوقع أن أرى أمثال هؤلاء الخطباء في مواقع الضرر؛ لإعانة أخوانهم وإغاثتهم بدلا من اعتلاء المنابر ليقولوا ما لم يجب أن يقال على رأي سلمان العودة. • بقي أن أذكر أن المتضررين من سيل الأربعاء هم من الطبقة التي لا تعترف بالأهواء ولا ملذات الحياة، ونصف من أخذهم السيل عجز وأطفال ومنقذون ضحوا بأرواحهم من أجل محاولة إنقاذ الآخرين فماتوا ونحتسبهم عند الله من الشهداء. • جدة هي أمنا فلا تشوهوها باسم التنصل من المسؤولية أو اسم خطب لم تأت في موعدها المناسب. [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبد أ بالرمز251 مسافة ثم الرسالة