كنا نظن أن الصورة النمطية القديمة للمواطن السعودي في الخارج قد انتهت، أو على الأقل أصبحت أقل سوءا مما كانت عليه. صورة السعودي الذي امتلك مالا بسهولة ولا يهمه كيف يصرف هذا المال لأنه لا يتوفر على الثقافة الصحيحة للحياة، والسفر والاستمتاع السوي بما يملكه من مال.. كنا نظن أن فترة أثرياء الغفلة من الجهلة والطارئين قد تلاشت ملامحها مع وجود جيل جديد يكدح من أجل أن تتوفر له ضروريات الحياة، جيل أدرك من الوعي كثيرا، وعرف أدبيات الاختلاط بالمجتمعات، وكيف يعطي صورة جيدة لإنسانيته في المقام الأول، ثم وطنه ومجتمعه. يبدو أن هذا الظن ليس صحيحا لأن الصورة القديمة ترسخت بشكل عميق في وعي الشعوب الأخرى بسبب ما جنته علينا تلك النتوءات البشرية التي انتقلت فجأة من أعماق القاع الاجتماعي إلى قمة المال الذي انهال عليهم دون سبب منطقي، ليصبحوا كائنات مشوهة تتجول في بقاع الأرض لتشوه مجتمعا بأكمله. في كثير من العواصم، والعربية على وجه الخصوص، تبدأ المعاناة منذ أن تبرز جواز سفرك، وتستمر منذ خروجك من المطار قادما إلى خروجك منه مغادرا.. معاناة غبية ورديئة رغم أنك تعرف أنظمة البلد الذي تزوره، وأحيانا أكثر مما يعرف بعض مواطنيه، وذلك لسبب بسيط هو أن قادما آخر قد سبقك لا يهمه ماذا يعرف، ولا كيف يصرف نقوده، ولا كيف يعطي ويأخذ كما يجب.. كنت أتحدث مع صديق عربي في بلده، من المثقفين الذين يتابعون تحولات المجتمعات ويعون جيدا ثقافة الأجيال الجديدة، وتطرقنا خلال الحديث إلى بعض المواقف التي يتعرض لها الزائر السعودي في بلده، وببساطة شديدة أشار إلى أن الصورة التي يحاول تكريسها الجيل السعودي الجديد الذي ارتقى سلم الحياة بشكل طبيعي، يفسدها بسهولة أحد الأغبياء من المتخمة جيوبهم بالمال دون وعي أو ثقافة أو احترام للحياة بكل ما فيها، وفي هذه الحالة تكون الغلبة له لأنه يتحدث بالمال المسفوح وغيره يتحدث بالمنطق والعقل. قال لي أنتم الذين تجنون على أنفسكم وعلينا. وكان ضروريا أن أؤكد له أن هذه الكائنات المشوهة لا تمثل المجتمع السعودي الحقيقي، وإنما تمثل أخطاء تاريخية فادحة أساءت للجميع. [email protected]