صديقي.. هل الحرية غاية الإنسان وهدفه الذي يبحث عنه منذ الأزل؟ ولكن ماذا لو طالب بها طفل صغير لم يختبر الحياة، أو قرر أحدهم باسم الحرية قتل من لا يروق له، أو قرر آخر أن يمشي عاريا في السوق؟ تبدو الأسئلة محرضة لمنع الحرية، ومع هذا هي أسئلة، أحيانا نحاول الهروب منها، لأننا نراها مانعة ومعيقة أو قامعة لفكرة الحرية، فما الحرية يا صديقي؟ ذات مرة قال أحدهم: «كنت أحب المشي في الخريف فوق أوراق الشجر المتساقط، وكان صوت تكسر الأوراق الجافة ممتعا بالنسبة لي، لهذا كنت أترك الأوراق ولا أنظفها من أمام بيتي، لكن الجيران أنزعجوا من هذا، وأصبحوا يطالبونني بتنظيف المكان حتى لا أشوف المجتمع السكني، فقررت أن أحضر كيسا ولملمت الأوراق المتساقطة فيه، ثم وضعتها على سطحي في البيت لأمارس المشي فوقها، وهكذا حللت مشكلتي مع الجيران ومارست حريتي». وكان يريد أن يقول: إن الحرية هي عملية توازن بينك وبين الآخر. وثمة من يرى أن الحرية تتمثل في رغبة الإنسان أن يكون سيد نفسه «أرغب أن أكون صاحب شأن وليس نكرة عديمة الشأن والقيمة، أن أقرر بنفسي ما أرغب القيام به، لا أن أعمل ما يملى علي؛ وكأني شيء أو عبد ليس في استطاعته القيام بدور إنسان يدرك أهدافه ويفكر فيما يختار، أي أنني أرغب قبل أي شيء أن أكون مدركا وشاعرا بوجودي كمخلوق مفكر ونشط، يتحمل مسؤولية اختياراته وقادر على شرحها وإيضاحها». بمعنى أن الحرية تحتاج لوعي بما يريده الإنسان. بين التوازن مع الآخر ووعي الإنسان بما يريد، هل تسكن الحرية؟ التوازن مع الآخر، يحتاج لقانون يحكم بينهما، فيلجأ له حين يختلفان في ما يحق لهذا أو يحق لذاك، ووعينا بما نريد هل يكفي للحصول على الحرية؟ أظن هذا نصف الوعي، فالوعي الكامل كما أراه يا صديقي، هو وعينا بوجود الآخر معنا في هذه الحياة، وأن له نفس الحقوق في أن يمارس حريته. للأسف لم تأتِ حضارة منذ أن هبط أبونا آدم للأرض تحمل للآخر رؤية جميلة، وكان الآخر دائما العدو، ويرى علماء الاجتماع أن الحضارات تتحلل إن لم توجد عدوا يحرض هذه الحضارة على الاستمرار في التطور وبناء قوتها. هل يعني هذا أن مشاعر الكراهية أقوى من مشاعر الحب، وهي من دفعت البشرية للتطور؟ وهل كان القديسون يخدعوننا حين كانوا يطالبونا بأن نعتمد على مشاعر الحب؟ أظن هذه الأسئلة لا تجيب على شيء بقدر ما تفتح للعقل أمورا لم ننتبه لها، هذه الأمور تتمثل في أن الإنسان بداخله كل شيء، وهو قادر على أن يكون ما يريد بشرط أن يتفوق على غرائزه. المحزن أن الإنسان منذ أن قرر قابيل قتل أخيه ليأخذ زوجته من منطلق أنه حر يفعل ما يريد، اعتمدت البشرية على مشاعر الكراهية في بحثها عن الحرية، لهذا لم تصل لها، وكل ما وصلت له حرية فئة ونفي فئة أخرى، وربما هذه خطيئة البشرية الأزلية. التوقيع : صديقك S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة