أعمق تفسير لحرية الإعلام وعدم الضغط عليه أو تكميمه، كما كان يحدث في الدول المحكومة من العسكر، أو المحكومة من قبل ما كان يسمى بدول أوروبا الشرقية الشمولية، ما رواه الرئيس الفيلسوف علي عزت بيغوفتش رئيس البوسنا السابق رحمة الله عليه. فالرئيس الفيلسوف، لم يكن كمعظم الزعماء المناضلين عبر التاريخ، الذين كانوا يحاربون الظلم من أجل الحرية، وحين وصلوا للسلطة اكتشفت الشعوب أن الزعماء حاربوا من أجل حريتهم وليس من أجل حرية الشعوب. «فبيغوفتش» كان مختلفا جدا، فقد عاش وحارب ومات من أجل الحرية، الحرية لشعبه ولأعدائه أيضا، ولم يتغير هذا المبدأ إلى أن رحل رحمة الله عليه. فالصحفي في مجلة سراييفو الأسبوعية «داني» شن حربا على الرئيس وهو يحاوره، وكانت أسئلته تبدأ ب «السيد الرئيس»، ثم بهجوم كاسح مع كل سؤال، فتارة يتهمه بأن المجتمع الدولي مرغ أنفه، وتارة يقول له إن المجتمع الدولي يرفضه وعليه أن يتنحى، وأخرى يقذفه بسؤال «ألا ترى أن حكمك كان قاسيا أكثر مما ينبغي، وأن جزءا كبيرا من الشعب والبشناق إذا أردت، لا ينظر إليك بذلك الضوء، وخاصة ليس بعد الحرب»؟، وتارة يقذفه بسؤال: «كيف تفسر حقيقة أن أوثق أصدقائك السابقين يقومون الآن بتصويرك بصورة سيئة جدا»؟ في إحدى إجابات الرئيس الفيلسوف على «داني» قال له: «دعني أذكرك قبل عامين أو ثلاثة قمت بنشر قصة مفادها أنني كنت أحضر ابني ليخلفني وغيرها من الترهات المماثلة، وهكذا، ما قولك الآن، هل أقوم بتهيئة ابني ليحل مكاني؟، إنك لم تعتذر عن هذه المعلومات الخاطئة لا لي ولا للجمهور العام، بل إنك تواصل وتواصل هذا الأمر». يقول الرئيس الفيلسوف في كتابه «سيرة ذاتية وأسئلة لا مفر منها»: «ليس هناك دواء للصحفيين المستعدين للكذب في دولة ديموقراطية، باستثناء رفع سوية الشعب والارتقاء بمستوى التعليم والثقافة العامة، بحيث يستطيع الناس أنفسهم تمييز الكذب من الحقيقة، وهذا الأمر لا يمكن للسياسة تحقيقه، وإنما تحققه الثقافة فقط، وهذا العمل صعب ويستغرق الكثير من الوقت، لكنه السبيل الوحيد». ويفسر عدم مطاردة السلطة لأي صحفي رغم أنه رئيس: «الأكاذيب الصحفية والمبالغات الصحفية نواتج حتمية لحرية الصحافة والإعلام، ويبدو أن أحدهما لا يوجد دون وجود الآخر». من هنا أرى أنك إذا أردت القضاء على الأكاذيب فإنك ستقضي على الحرية، فالاثنان مرتبطان معا مثل النار والدخان». ورغم معاناته من كذب الإعلام إلا أن له وصية للناقد أو الكاتب في البوسنا، مع أنه رئيس الدولة، فهو يقول: «لا يمكن معالجة المجتمع المريض بالصمت، يجب الصراخ بأن المرض موجود». S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة