يحكى أن أحد الباحثين جال المناطق المختلفة من الأرض، جبالا وسهولا وبحارا ووديانا وأدغالا وصحراء، لمعرفة الحيوانات التي تتكاثر بالتوالد والتي تتكاثر بالبيض، وقد قضى من عمره أكثر من أربع سنوات وهو يبحث ويدون مشاهداته في أوراق يحملها. وفيما هو في طريق العودة بعد هذه السنين الطويلة من الغياب عن البيت التقى أحد الرعاة في طريقه فأخذ قسطا من الراحة عنده، فسأله الراعي عن هذه الأوراق التي يحملها؟ فقال: إني أبحث عن الحيوانات اللبونة والبياضة وأريد أن أعرف أنواعها وأفرز بينها.. فقال الراعي وهو يضحك، لقد قضيت عمرا طويلا في بحثك ولو كنت سألتني، أخبرتك عن ذلك ببساطة، استغرب الباحث وقال له: كيف؟ فقال الراعي: ببساطة الحيوانات ذات الأذن لبونة تتكاثر بالولادة، والحيوانات بدون الأذن بياضة وتتكاثر بالبيض! راجع الباحث نفسه ونتائج أبحاثه فوجد قول الراعي صحيحا، فما كان منه إلا أن مزق أوراقه وعاد إلى البيت يحمل تعب السنين التي قضاها في معاناة لن ينساها طويلا. لماذا كان آباؤنا وأجدادنا رغم ظروف الحياة الصعبة وكثرة الحاجة وقلة الموارد أكثر بساطة وتكيفا مع الحياة. وفي المقابل نعرف من الناس في حياتنا اليومية رغم قلتهم يتميزون بالسماحة والبساطة في تعاملاتهم مع الآخرين، بساطتهم تكمن في أسلوب حديثهم وفي نمط حياتهم، في مطالبهم، لا يهمهم أن يتقاضوا حقوقهم كلها، يتغاضون عن كثير من الأمور ويتغابون «باختيارهم» أحيانا، لا يفتشون فيما خلف العبارات ولا يتعبون أنفسهم بهذه الأمور، تجدهم في وقت الأزمات أكثر تماسكا وصلابة، يمارسون فن التهوين لا التهويل ويجعلون من القبة حبة «بمعكوس مثلنا الدارج»، يتمتعون بالوفرة في حياتهم، فهم يرضون بالقليل وعطاؤهم كثير، ويعطيهم الله من حيث لا يحتسبون، سعيهم الدائم نحو رضا النفس وراحة البال، علاوة على كل ذلك فهم الأكثر تكيفا مع ظروف وإشكاليات الحياة والأقل عرضة للأمراض بشكل عام، فالأصل في الطبيعة الإنسانية والسنن الكونية التي وضعها الله عز وجل هي البساطة والسعادة والخير والسلام والتسامح والحب، نحن تعلمنا وطوعنا أنفسنا إلى كل ما هو سلبي في حياتنا حتى تكونت تلك الشخصية الصلبة. فائدة: حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس. حديث شريف. د. حاتم سعيد الغامدي استشاري نفسي