بين أخذها لشكل البرتقالة عند التقاء المغيب بالأفق، المكان يضيق حول أعناقهم كأنشوطة تلفها وتلف الكون معها. عيون غائرة في وجه أنهكتها أعمار طويلة حفرت التعب في وجناتها، والسؤال يجري على خدودهم كدمعة محفورة تتجدد كل يوم مع أذان المغرب «ماذا يعني الاحتفال دون أشخاص تعلقت بهم الذاكرة؟!». كشف حفل إفطار نظمه صاحب ملتقى السيف الثقافي للمسنين محمد عبد الكريم، معاناة نزلاء مركز الندى للمسنين التابع للجمعية الخيرية في منطقة حائل، من الوحدة التي عبروا عنها بأنها «قاتلة»، رغم ما يوفره المركز من رعاية واهتمام. يقول المسن دعيع: أتمنى ألا أحضر مثل هذه المناسبات؛ كونها تذكرني بأسرتي التي مضى زمن كبير لم أشاهد أيا منهم، ويزيد «رغم أنه لا ينقصنا شيء في الدار، إلا أننا لا نشعر بأن لنا فضاء نتحرك فيه، وحركة المجتمع لا تعنينا في شيء، فنحن نحتاج إلى أشخاص تعلقت بها ذاكرتنا ونريد أن نطمئن عليهم وهذا جزء من سعادتنا التي لا يستطيع المركز تأمينها». ويؤكد المسن عبد الله حاجة النزلاء للتواصل مع المجتمع، لافتا إلى أن نزلاء المركز يعانون من إحجام المجتمع عن زيارتهم ومنحهم الإحساس بأن لديهم أسرا يحبونهم ويخافون عليهم رغم أنه لا حيلة لنا. وهنا يتدخل صاحب الملتقى الثقافي محمد السيف بالتأكيد على أن مبادرته بإقامة حفل إفطار لمسني مركز الندى، تأتي لإخراجهم من العزلة التي يعيشونها ولمنحهم الإحساس بأنهم يعيشون في مجتمع متعاطف ومتراحم. وأفاد أن الدين الإسلامي يحثنا على العناية بهؤلاء الذين كان قدرهم في الحياة أن يعيشوا لوحدهم دون سند أو عضد. أما مدير مركز الندى أحمد عمر الحامد فأكد على انقطاع الزوار من أقارب نزلاء المركز أو المجتمع عن الزيارة، وهو ما يعانيه النزلاء من وحدة قاسية وقاتلة ولها انعكاسات سلبية سيئة عليهم، مبينا أن المركز تلقى خلال الأيام الماضية اتصالات عديدة من نساء فاعلات للخير يقمن بتجهيز بعض الأصناف الغذائية وإرسالها ليفطر عليها نزلاء المركز. وقال: حفل الإفطار الذي نظمه محمد السيف لنزلاء المركز منحهم الإحساس بالعاطفة ووجودهم في مجتمع متراحم، إذ عمد إلى إحضار عدد من أحفاده (صغار السن)، ليشاركوا المسنين حفل الإفطار ومدهم بالشعور أنهم مع أطفالهم، كما قدم السيف أجهزة راديو كهدايا تذكارية للمسنين.