يمثل العمل الخيري في المملكة رافدا أساسيا، وأصبح عمودا داعما للدولة في بناء التنمية مع القطاعين العام والخاص، والآن نرى أن هذا العمل تشعب وتعددت مجالاته وأهدافه وسبل أنشطته وانغمس في مختلف التخصصات، لاسيما في المجال الصحي الذي توليه الدولة اهتماما بالغا، فخادم الحرمين الشريفين ورعاه يوصي دائما بالاهتمام بصحة الإنسان داخل المملكة وخارجها، وهنا كان ل «عكاظ» حوار مع الدكتور خالد بن عبد الله طيب رئيس مجلس إدارة جمعية رعاية المصابين بالأمراض المزمنة بالعاصمة المقدسة (شفاء). - كيف ومتى تكونت لديكم فكرة الجمعية؟ البداية كانت في إنشاء مركز متخصص لرعاية المصابين بداء السكري يضم جميع متطلبات الرعاية الشاملة التشخيصية والعلاجية والذي تولت لجنة أصدقاء المرضى بالعاصمة المقدسة إنشاؤه وساهمت في تأثيثه وتجهيزه فكانت اللبنة الأولى للعمل الخيري في مكافحة الأمراض المزمنة في مكةالمكرمة، ومع الزيادة المضطردة في أعداد المستفيدين من خدماته من الأطفال والحوامل والبالغين من الرجال والنساء وحاجة الكثير منهم إلى الدعم لتأمين احتياجاتهم من المستلزمات الطبية والأدوية لوقايتهم من المضاعفات، ظهرت الحاجة جلية لدعم خدمات المركز من خلال إنشاء جمعية خيرية تتولى رعاية المرضى ومساندة الخدمات الصحية المجانية التي توفرها الدولة أيدها الله وتؤمن للمحتاجين من المرضى تلك الاحتياجات، وقد احتضن الفكرة مجموعة من الأطباء والتربويين ورجال الأعمال والوجهاء من أبناء مكةالمكرمة البررة المحبين لهذا البلد الطيب وأهله، وقد تكللت الجهود بحمد الله تعالى وصدرت الموافقة على تأسيس الجمعية عام 1428ه. - ما هو المقصود بالأمراض المزمنة، وكم عدد المصابين بها في العاصمة المقدسة؟ الأمراض المزمنة هي مجموعة من الأمراض التي لا يرجى شفاؤها، فهي تلازم المريض حتى وفاته كما توصف بكونها تتفاقم ويشتد تأثيرها بمرور الوقت، ولذا فإن المصابين بها بحاجة لرعاية مستديمة مدى الحياة وأكثر الأمراض انتشارا، هي داء السكري والسمنة وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين والسكتة الدماغية وأمراض المفاصل وداء السرطان مثل سرطان الثدي وسرطان القولون. ويقدر عدد المصابين بداء السكري وغيره من الأمراض المزمنة في العاصمة المقدسة بأكثر من 200 ألف شخص جميعهم معرضون للمضاعفات المزمنة، مثل جلطات القلب والدماغ وفشل الكلى والاعتلال العصبي ما لم تقدم لهم الرعاية الطبية والدعم اللازم للسيطرة على مرضهم. - ما هي البرامج العلاجية التي تقدمها الجمعية؟ رغم أن الجمعية لا تزال في عامها الثاني، إلا أنها بفضل الله قدمت عدة برامج منها برنامج الرعاية الصحية المنزلية وبرنامج رعاية الأطفال المصابين بداء السكري وبرنامج رعاية القدمين ومكافحة البتر وبرنامج دعم المرضى الفقراء وبرنامج نقطة الرعاية لمرضى السكري المنومين، ولعل أهم ما يميز تلك البرامج هي أنها فريدة في نوعها وتمت دراستها بعناية وبمشاركة الآخرين فيها. - ما هي الخدمات التي تقدمها الجمعية للأطفال المصابين بالسكري؟ بداية تم حصر أكثر من 400 طفل وطفلة من المصابين بالسكري في جميع المراحل الدراسية، ثم تم التخطيط لتقديم الدعم الصحي والنفسي والاجتماعي الشامل لهم، إضافة إلى التثقيف الصحي للطفل وأسرته وتدريبهم على التعايش مع المرض مع تأمين كافة الأدوية والمستلزمات الطبية للمحتاجين من الأطفال، كما سيتم قريبا تنظيم رحلات ولقاءات طبية وتثقيفية وترفيهية للأطفال المسجلين بالبرنامج. - كيف وجدتم الاستجابة بين المستفيدين من برنامج الرعاية الصحية المنزلية؟ نحمد الله كثيرا على ما حققه هذا البرنامج من رعاية طبية وراحة نفسية لكل المستفيدين وقد شعر الفريق المعالج بهذا من خلال استقبال المرضى للفريق والصداقة التي نشأت بين أعضاء الفريق والمرضى والذين بلغ عددهم أكثر من 80 حالة حاليا، ونحن نفخر بهذا البرنامج، لأنه يقدم خدمات طبية وإنسانية جليلة ونتمنى زيادة عدد الفرق الطبية إلى أربع فرق بنهاية العام القادم بإذن الله. - كم عدد المستفيدين من برامج الجمعية حاليا؟ يصل عدد المستفيدين من برامج الجمعية حاليا إلى أكثر من 800 مريض، علما أن الجمعية تقوم أيضا بدعم أسر المرضى. - ما مدى رضاكم الشخصي على ما حققته الجمعية من برامج حتى الآن؟ الحمد لله لقد حققت الجمعية إنجازات كثيرة في دعم برامجها لتقوم بدورها الإنساني في مساعدة الفقراء من المرضى وحمايتهم من أخطار مضاعفات الأمراض المزمنة، إلا أن طموحاتنا كبيرة ونشعر أننا مهما عملنا فإننا مقصرون في واجبنا تجاه أبناء مكةالمكرمة. - ما هو تخطيطكم المستقبلي للجمعية؟ في العام القادم سنعمل على توسعة خدمات البرامج الحالية، حيث سيتم إضافة فئة الشباب إلى برنامج رعاية الأطفال المصابين بالسكري، كما سيتم زيادة الفرق الطبية لبرنامج الرعاية الصحية المنزلية إلى أربع فرق وهناك أيضا مشروع مركز غسيل الكلى والذي نفخر بالمشاركة فيه مع جمعية البر بمكةالمكرمة، وهو نموذج رائع للعمل الخيري المشترك. أما الحلم الكبير الذي نسعى لتحقيقه، فهو إنشاء مركز طبي خيري لرعاية المصابين بالأمراض المزمنة، وسيكون باذن مشروعا مميزا على مستوى يليق ببلد الله الحرام. - ما هي الخدمات العلاجية التي سيقدمها المركز الطبي الخيري؟ تقديم الرعاية الطبية الشاملة للمصابين من خلال فريق طبي مؤهل يسانده كل متطلبات الرعاية التشخيصية والعلاجية، مع تقديم الدعم الصحي والنفسي والاجتماعي للمصابين وأسرهم. وسيضم مراكز طبية متعددة تقدم خدمات ذات جودة عالية. - هل لدى الجمعية القدرة على إنشاء وتشغيل هذا المركز؟ بعون الله سوف يتم التخطيط لإنشاء المركز في مراحل وسنبدأ بتخصيص موقع له، وكنت أتمنى مساهمة أمانة العاصمة في ذلك ولكن لنا آمل بحول الله في آهل الخير من المحبين لمكةالمكرمة وهم كثيرون في كل أرجاء المملكة، وبعد ذلك سيتم عمل التصاميم الهندسية ودراسة التكلفة والتي أتوقع أن يشارك فيها الكثير من المؤسسات الخيرية وسندعو الجمعيات الأخرى للمساهمة في هذا المشروع الذي سيخدم المواطنين والمقيمين في بلد الله الحرام، والأمل معقود بعد الله تعالى في المحسنين من أبناء هذا البلد المعطاء في دعم هذا المشروع. - هل تلقت الجمعية دعما ماليا كافيا لأداء رسالتها حتى الآن؟ الحمد لله تلقت الجمعية دعما مكنها حتى الآن من تحقيق رسالتها المنشودة وتقديم الرعاية الطبية والاجتماعية الشاملة للمصابين بالأمراض المزمنة بالعاصمة المقدسة من المواطنين والمقيمين والمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام، ووضع البرامج العلاجية والوقائية التي تكفل تحقيق أهدافها بإذن الله، لكننا لا نزال نأمل بدعم أهل الخير لننفذ برامجنا المستقبلية. - كيف ترى أهمية التبرع للعمل الخيري في المجال الصحي؟ للعمل الخيري أهمية كبيرة جدا في المجال الصحي، حيث إننا نقوم بمساعدة الفقراء من المرضى وحمايتهم من أخطار مضاعفات الأمراض المزمنة تلك التي تؤدي إلى فقدان البصر أو بتر الأطراف أو فشل الكلى أو جلطات القلب والدماغ، ولقد توسعت الشؤون الاجتماعية في تقديم خدمات صحية مختلفة في العديد من مدن المملكة، لذا فإني اقترح على معالي وزير الشؤون الاجتماعية إنشاء إدارة خاصة للإشراف على الخدمات الصحية التي تقدمها الجمعيات الخيرية والتنسيق مع وزارة الصحة لاستكمال الفائدة العلاجية للمرضى. واختتم حديثة بترحيب الجمعية لمن يرغب التعاون والتواصل معها على البريد الإلكتروني. ([email protected])