كنت واحدا من الذين دعاهم الأستاذ عبد الله زقيل لزيارة منارات العطاء في الدمام والمكتب التعاوني في الخبر للاطلاع على الأنشطة المتميزة التي تقوم بها المنارات وكذلك المكتب التعاوني في شهر رمضان المبارك. بطبيعة الحال نشاط تلك الجهتين ليس في رمضان وحده بل يشمل العام كله، ولكل موسم عطاؤه الخاص، ولكني سأتحدث عما شاهدته من أشياء مفرحة أتمنى أن أراها في كل جزء من بلادنا الطيبة ليعم الخير الذي نتطلع إليه جميعا. الأخ الشيخ سعد المهنا القاضي في محكمة القطيف هو الذي يشرف على المنارات ويقف إلى جانبه المهندس جابر الشرافي ومجموعة من الشباب المتطوعين الذين يقضون شهر رمضان كاملا في عمل تطوعي فريد من نوعه كما يقضون شهرا قبله في التدرب على أعمال رمضان المخصصة لخدمة الصائمين بوسائل متنوعة. من البرامج التي تقدمها المنارات برنامج «مثل أجره» وهذا البرنامج يعني تجهيز وتوزيع وجبات إفطار خفيفة للصائمين عند إشارات المرور وطوارئ المستشفيات ونقاط التفتيش وما شابه ذلك من الأماكن التي يكثر عندها الصائمون الذين لا يتمكنون من تناول إفطارهم في منازلهم فيجدون فيما يقوم به هؤلاء الشباب المتطوعون نافذة خير لهم تمكنهم من تناول فطورهم في المكان الذي يتواجدون فيه. فكرة البرنامج مأخوذة من حديث الرسول الكريم أن من فطر صائما فله مثل أجره، ولإخراج هذا البرنامج بصورة جيدة وتربوية فقد حرص القائمون عليه أن يدربوا مجموعة من الفتيان تتراوح أعمارهم بين الثماني سنوات والاثنتي عشرة سنة، هؤلاء يقومون بتعبئة الوجبات وهي بالآلاف وبشكل يومي وبصورة متقنة ومن خلال مصنع بسيط يساعدهم على سرعة العمل وإتقانه. المفرح في الأمر أن مئات الفتيان يتسابقون على التطوع في هذا العمل ومعظمهم صائمون، وقد شاهدت أن روح التنافس بينهم عالية، الكل يريد أن يسابق إخوانه في الإنجاز. وعندما ينتهي إعداد الوجبات تسلم لفريق آخر يقوم بتوزيعها في الأماكن التي أشرت إليها. وهناك وجبات عائلية تقدم للأسر المحتاجة على مستوى المنطقة الشرقية تقوم المنارات بإعدادها ثم تسلمها للجمعيات الخيرية التي تقوم بتسليمها للأسر المحتاجة. وقد عرفت أن هذا العمل تشارك فيه الفتيات ويعملن بنفس الروح الإيجابية وتحت إشراف مختصات مؤهلات وفي أماكن منفصلة، ويحققن الأهداف نفسها. المنارات تقدم برامج توعوية وترفيهية للشباب الذين يعملون معها قبل الإفطار وبعده، فهي تحرص على إيجاد بيئة آمنة للشباب تعلمهم فيها حب الوطن، وتحذرهم من الإرهاب والتطرف، وتحذرهم من الرفقة السيئة في الأخلاق والسلوك. وقد استطاعت تلك البرامج تحقيق نقلة نوعية في الترابط بين الشباب، وإبعادهم عن أماكن الفساد بكل أنواعها. المكتب التعاوني في الخبر كانت له تجربة من نوع آخر، لكنها مميزة وممتعة ومفيدة!!. فضيلة الشيخ صالح اليوسف رئيس محكمة الخبر والشيخ صالح التويجري المشرف على المكتب كانا في انتظارنا، وتحدثنا معهما طويلا حول ما رأيناه، وحول تجربتهم في هذا المركز حيث امتدت لأربع سنوات كاملة كانت كل سنة أفضل من سابقاتها. آلاف الناس يفدون على المكان الذي كنا فيه في كل يوم، يحضرون بعد العصر غالبا ويتم توزيعهم بحسب جنسياتهم، فلكل جنسية مكان خاص بهم لتكون الألفة بينهم أشد. فهناك قسم خاص بالجالية الهندية، وآخر للبنغالية، وثالث للباكستانية، ورابع للجالية العربية، وهكذا رأينا عددا من الخيام ولكل جالية خيمتها الخاصة. يجتمع هؤلاء قبل الإفطار فيستمعون إلى موعظة رمضانية بلغتهم، إما من شخص مختص وبصورة مباشرة أو تكون الكلمة مسجلة إذا تعذر وجود شخص بشكل مباشر. المكتب التعاوني يحضر الوجبات كاملة، ولكل جالية مسؤول يتولى توزيعها بحسب عادات جاليته، وبعد الإفطار تكون الصلاة، وهناك برامج أخرى بعد العشاء لكل الجاليات. يقول الإخوة: إن وجود ملايين في بلادنا من كل أنحاء العالم فرصة لنا لنوصل إليهم ثقافتنا وحضارتنا وأخلاقنا، وليكون هؤلاء رسل خير لنا في بلادهم، وليس أفضل من هذه الوسيلة نجمعهم فيها طيلة الشهر الكريم وفي أجواء رمضانية ممتازة. الشيء الجيد أن موائد رمضان مفتوحة للمسلمين وغيرهم، وقد قيل لي إن مجموعة من غير المسلمين دخلوا في الإسلام متأثرين بالأخلاق الرائعة التي شاهدوها من المسلمين. أتمنى أن نتعلم جميعا كيف نتطوع وبحب لخدمة ديننا وبلادنا وفي كل المجالات، كما أتمنى من تجارنا أن يساهموا وبجد في كل الأعمال الخيرة التي تقدم لأبناء بلادهم لأنها هي الباقية لهم. وأخيرا.. كل الشكر لمن يدعم تلك الأعمال الرائعة، وأخص شركة الاتصالات، والشربتلي، وآل الراجحي، وكل الداعمين الآخرين. * أكاديمي وكاتب للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة