قررت الجزائر تسقيف حصة الشركاء الأجانب أصحاب المشاريع الاستثمارية ب49 في المائة كحد أقصى، مقابل 51 في المائة لصالح المستثمرين والشركاء الجزائريين في أي مشروع يعرض على الحكومة لقاء الحصول على امتيازات قانون الاستثمار. وبررت الحكومة اللجوء إلى هذا الإجراء التقييدي بوضع حد لحالة الاستنزاف التي مست موارد البلاد من العملة الصعبة في شكل تحويلات لأرباح الشركات الأجنبية قدرت السلطات الجزائرية بأنها أضرت بوضع البلاد المالي. وحسب وزارة المالية فإن تاريخ دخول الإجراء حيز التطبيق قد حدد ب21 يوليو الماضي، تاريخ صدور قانون الموازنة الإضافية للعام الجاري، على ألا يحدث أي تغيير على الوضعيات القانونية للشركات الأجنبية العاملة في السوق قبل هذا التاريخ. وفي تصريح له قال كريم جودي وزير المالية: إننا بصدد إعادة تحديد سياستنا الاقتصادية. ولم تلق هذه التدابير استحسانا لدى المستثمرين الأجانب، وقد استبقت مجموعات عربية الإعلان الرسمي عنها باتخاذ قرار الانسحاب من السوق الجزائري، بسبب استحالة تحقيق أهدافها الاستثمارية، ومنها شركة إعمار العقارية الإماراتية بعد ثلاث سنوات من انتظار صدور رخص بدء الأشغال في خمسة مشاريع قدرت قيمتها ب20 مليار دولار، وشركة المشاريع العقارية والسياحة الكبرى «جراند» (الكويتية)، التي قامت بتسنيقات مع الحكومة من أجل بناء مشروع قرية «بدر» على الساحل الشرقي للعاصمة بتكلفة قدرت ب3 ملايين دولار، إذ تعثرت كل الجهود بفعل صعوبة تحصيل القطعة الأرضية المخصصة للمشروع. تنفير المستثمرين ويعتقد رئيس المركز الجزائري للأبحاث حول المؤسسات عبدالكريم بودراع في تصريح ل«عكاظ» أن من شأن تدابير كهذه تنفير المستثمر الأجنبي الذي لن يقدر على منافسة منافسين له في السوق يتمتعون باستقلالية في اتخاذ القرار وتصريف الأعمال. من جانب آخر وجدت هذه التدابير من ينتقد تساهلها مع الرؤوس الأموال الأجنبية، ويطالبون بحصر النشاط التجاري وخصوصا الاستيراد والتصدير، في الأشخاص الجزائريين دون غيرهم، مثلما هو معمول به في تونس ودول عربية كثيرة. وفي هذا الصدد يقول رئيس الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة إبراهيم بن جابر إن الإجراءات المعلنة قد تنجح على المدى القصير في كبح جماح الاستيراد الذي وصلت فاتورته العام الماضي إلى حدود 40 مليار دولار، لكنها ستؤثر في تعطيل آلة الإنتاج الجزائرية بسبب نقص توريدات ومدخلات الإنتاج كالمواد الأولية والمنتجات نصف المصنعة التي تحتاجها لتدوير دواليب المصانع المملوكة للخواص. وأضاف أنه كان من الأجدر بالحكومة تقييد حرية شركات الاستيراد المملوكة للأجانب، بتمكين التجار الجزائريين من أخذ حصة الأسد في رأسمالها بدل نسبة 30 في المائة.. مشيرا إلى تجارب دول عربية نجحت في ضبط وارداتها والتقليل من فواتيرها المضخمة بشكل مخيف، ما أعطى الانطباع بأن الجزائر لا تنتج شيئا وتعيش على تبعيتها للمصانع والأسواق الخارجية!.