لعلي أذكر القراء الكرام أن المجتمع السعودي أصيب بصدمة عنيفة عندما حققت الجامعات السعودية مركزا سيئا على مستوى الجامعات العالمية لا يتناسب إطلاقا مع مكانة المملكة ولا مع الأموال الباهظة التي تنفقها الدولة على الجامعات، حينذاك كتب الكثيرون وأنا أحدهم يطالبون بتفسير هذه الظاهرة السلبية، كما تحرك مجلس الشورى وأظهر معظم أعضائه تبرما شديدا من الوضع السيئ للجامعات بحسب ذلك التقرير. أعرف أن البعض اعترض على ذلك التقرير بسبب طريقة ومنهجية دراسته لأوضاع الجامعات، ولكني أعرف أنه حرك الجميع لمعرفة أسباب الخلل ومحاولة تداركها قيد الإمكان. حدث تغير ملحوظ على جامعاتنا منذ ذلك التقرير وحتى اليوم، إذ أصبحت جامعة الملك سعود الأولى عربيا بحسب التصنيف العالمي للجامعات، تليها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ثم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تليها جامعة الملك فيصل، فجامعة الملك عبد العزيز. وعلى مستوى الجامعات الإسلامية جاءت جامعة الملك سعود الأولى، ثم جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وحصلت جامعة الإمام على الترتيب السابع. لاشك عندي أن هذه المستويات تعد نقلة نوعية متميزة تحسب لجامعاتنا ولكل القائمين عليها، كما أنها تؤكد أنهم يعملون بجد لتحقيق مستويات أفضل، وأعتقد أنهم لو استمروا على هذا المنوال فسنرى قريبا أن هذه الجامعات حققت مستويات أفضل مما حققته حاليا. سعادتي بما حققته جامعاتنا لا ينفي قولي إن آمالنا لم تكتمل بما نريده منها، وآمل أن لا يطول انتظارنا حتى نرى اكتمال هذه الآمال. أول هذه الآمال مسألة قبول الطلاب والطالبات في الجامعات، وهذه مأساة مزمنة لم تستطع جامعاتنا إيجاد حل جذري لها، وآمل أن لا تترك وزارة التعليم العالي هذه المسألة معلقة إلى الأبد وعلى حساب آلاف الخريجين الذين يضيع مستقبلهم سدى بسبب الجامعات التي لم تستطع أن تجد حلا لهم رغم الإمكانات الكبيرة التي لديهم. أعرف كما يعرف غيري أن معالي الوزير حريص على هذا الموضوع كثيرا، بل إن خادم الحرمين تحدث عنه أكثر من مرة، وقرأت تأكيده قبل أيام بأن الجامعات ستقبل معظم الخريجين، لكني آمل أن تقبلهم جميعا. ولعلي أقول لمعاليه، وكل مديري الجامعات أنه ليس من المعقول ولا من المقبول أن يحصل خريج أو خريجة على تقدير 100 في المائة أو 99 في المائة ثم لا يجد المكان الذي يختاره في الجامعة هذا ظلم لا ينبغي قبوله. إن اختبارات القياس والتقويم يجب أن لا تكون الفيصل في هذه المسألة، وشخصيا أعتبرها عبئا يجب التخلص منه، وإذا كانت الجامعات لا تثق بخريجي وزارة التربية والتعليم فعليها أن تنسق معها في طريقة مقبولة من الطرفين لإعادة النظر في المناهج الدراسية التي تقرها الجامعات، أما أن يكون اختبار واحد لا يتعلق بالمناهج إلا قليلا هو الحكم في قبول الطالب من عدمه فهذا أمر لا ينبغي قبوله. وللمعلومية فإن لكل جامعة تقييما خاصا لمعدل الثانوية، فهناك جامعة تعطي ما يحصل عليه الطالب نسبة 50 في المائة وبعضها يوصله إلى 30 في المائة وهذا لا يحقق العدالة بين جميع الطلاب. إن وزارة التعليم العالي تظلم الطالبات حيث لا تجعل لهن إلا اختبارا واحدا للتقييم والقياس بينما يحصل الطلاب على ثلاثة اختبارات إذا رغبوا في ذلك، وكان مقتضى العدالة أن يتساوى الجميع في عدد الاختبارات، ولكن ماذا أقول والمرأة مظلومة في كثير من الأشياء وهذه واحدة منها!! قلت أكثر من مرة ولا زلت أقول إن على الجامعات أن تعطي أساتذتها حقهم من الاحترام وأن تساعدهم فعلا على القيام بواجباتهم على الوجه المطلوب، هذا الاحترام إن تحقق فإنه سينعكس على الطلاب وعلى تحصيلهم العلمي وهذا هو هدف كل جامعة على وجه الأرض. للأسف بعض جامعاتنا تعامل الاستاذ وكأنه «شيء» أما الطالب فكأنه «لا شيء» هذه النظرة تقتل الجميع وتجعل التعليم أمرا في غاية الصعوبة. أهنئ كل جامعة سعودية حصلت على مركز متقدم وأسعد كما كل سعوي بالمكانة الجيدة التي حققتها جامعاتنا، وأتطلع إلى الأفضل ونحن قادرون على تحقيقه إن شاء الله. * أكاديمي وكاتب للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة