في كل عام أشعر بحنين وشوق لاحدود لهما ولا مسافات.. لزيارة طيبة الطيبة (المدينةالمنورة).. والتي تعتبر من أقدس الأماكن لدينا ولدى المسلمين في أنحاء المعمورة بعد مكةالمكرمة.. وكم أستمتع كزائريها بالتردد للصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي تعد الصلاة فيه خيراً من 1000 صلاة في ما سواه إلا المسجد الحرام.. والتي هي ب100 ألف صلاة.. ثم السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي زيارتي الأخيرة التى شرّفني الله بها وبعد غيبة.. قمت كعادتي بزيارة معالمها وعلمائها.. بزيارة: لمجمَع الملك فهد رحمه الله لطباعة المصحف الشريف.. وكانت فرصة أن ألتقي وأتعرّف على الأمين العام للمُجمع الأخ الفاضل الأستاذ عاطف بن إبراهيم العليان، والذي تكرّم عليّ مشكوراً برفقته في جولة ممتعة ونافعة لأنحاء مرافق المجمع والتي ازددت بها علماً ودراية وما شهده في الفترة الأخيرة من تطوير وتحديث وشرح بإسهاب وفقه الله عن بداية فكرة التأسيس والنشأة بأنه أمام ازدياد حاجة العالم الإسلامي إلى المصحف الشريف، وترجمة معانيه إلى مختلف اللغات، والعناية بمختلف علومه.. واستشعاراً من المملكة العربية السعودية بدورها الرائد في خدمة الإسلام والمسلمين، ومن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله حينذاك- بأهمية خدمة القرآن الكريم من خلال جهاز متخصّص ومتفرّغ لذلك العمل الجليل.. بأن تم وضع حجر الأساس لهذا المجمع في السادس عشر من المحرم سنة (1403ه – 1982م)، وتم تسميته بأسم الملك فهد والذي تم افتتاحه من قبله -رحمه الله- في السَّادس من صفر سنة (1405 ه – 1984م) وقال رحمه الله حينها: «لقد كنت قبل سنتين في هذا المكان لوضع حجر الأساس لهذا المشروع العظيم وفي هذه المدينة التي كانت أعظم مدينة.. فرح أهلها بقدوم رسول الله وكانوا خير عون له في شدائد الأمور، وانطلقت منها الدعوة، دعوة الخير والبركة للعالم أجمع». وفي هذا اليوم أجد أن ما كان حلماً يتحقق هذا المجمع على أفضل مستوى.. وأضاف رحمه الله: يجب على كل مواطن في المملكة العربية السعودية أن يشكر الله على هذه النعمة الكبرى.. وأرجو أن يوفقني الله أن أقوم بخدمة ديني ثم وطني وجميع المسلمين. وخلال زيارتي لهذا المجمع الموفق بإذن الله شاهدت مئات الزوار من مختلف أنحاء العالم الإسلامي وهم يتدفقون لزيارته، حيث أشار أمين عام المجمع إلى أن هذا تم مؤخراً بعد أن وافق معالي المشرف العام على المجمع الشيخ د. عبداللطيف آل الشيخ وفقه الله على السماح لزوار المدينةالمنورة بزيارة المجمع وكانت موافقة موفقة، حيث تركت فيهم ولديهم تلك الزيارات انطباعاً بالجهود المبذولة من القيادة لخدمة الحرمين الشريفين وخدمة طباعة المصحف والذي يتم تقديمه هدية لكل زائر للمجمع، لأن كل مسلم ينظر إلى المجمع على أنه من أبرز الصور المشرقة والمشرّفة الدالة على تمسّك المملكة العربية السعودية بكتاب الله وسنَّة نبيّه اعتقاداً ومنهاجاً وقولاً وتطبيقاً.. فعلاً من فضل الله بأن وفّق الله المملكة.. لإقامة هذا المشروع الإسلامي الضّخم الذي اعتنى بطباعة المصحف الشريف، وتوزيعه بمختلف الإصدارات والرّوايات على المسلمين في شتى أرجاء المعمورة، كذلك عنايته بترجمة معاني القرآن الكريم إلى كثير من اللغات العالمية.. ويعكس الاهتمام والتطوير الذي يشهده باستمرار هو الإشراف المباشر على المجمَّع من قبل معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ د. عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ المشرف العام على المجمع ورئيس هيئته العليا.. حيث يُتابع معاليه خطوة بخطوة تنفيذ سياسات المجمع وتحقيق أهدافه.. بل والسعي لما يجعله منارة علمية لكل العالم الإسلامي.. لقطات عن المجمع تُقدّر مساحة المجمع بمائتين وخمسين ألف متر مربع، يعمل بالمجمع (1100) شخص بين علماء وأساتذة جامعات وفنيين وإداريين، ونسبة السعوديين منهم تصل إلى حوالى (87%). وتبلغ طاقة المجمع الإنتاجية 18 مليون نسخة سنوياً موزعة بين مصاحف كاملة وأجزاء وترجمات وتسجيلات وكتب لعلوم القرآن وغيرها، وقد أنتج أكثر من 361 إصداراً و300 مليون نسخة حتى عام 2019. ويجري المجمع دراسات وأبحاثاً مستمرة لخدمة الكتاب والسنة ويضم أحدث ما وصلت إليه تقنيات الطباعة في العالم.. - يشارك المجمع أيضاً في عدد من المعارض والمناسبات الخارجية. - فاز المجمع بخمس جوائز محلية وخارجية مرتبة تاريخياً على النحو التالي: عام (1416ه): جائزة المدينةالمنورة، فرع الخدمات العامة، مجال التصميم المعماري. عام (1428ه): جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة. عام (1429ه): جائزة دبي للقرآن الكريم – الشخصية الإسلامية لعام (1429ه). عام (1431ه): جائزة أفضل موقع إلكتروني قرآني من رابطة العالم الإسلامي، الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم.عام (1433ه): جائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم وقراءته وتجويد تلاوته. باختصار: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف بالمدينةالمنورة يُعتبر بفضل الله مصدر ثقة لدى العلماء والباحثين من أهل السنّة، ويقوم على إدارة شؤون طباعة المصحف ومراجعته، وتراجمه وتفسيره: مشايخ فضلاء، وأئمة أعلام. وكما ذكرت سابقاً فإن فرصة العمر لكل زائر لطيبة الطيبة بأن يختمها بزيارة هذا المعْلم والصرح الكبير ويحظى بنسخة من طباعته لكتاب الله.