تؤسس الدول علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع الدول الأخرى، على أسس وبروتوكولات ومنهجيات متعددة، تحفظ المكانة لتلك الدول وقادتها والمسؤولين فيها، وتعزز بذلك أواصر التقارب والتواصل بينها، وتكون هي المنطلق لتأسيس توطيد العلاقات وفتح قنوات التعاملات الرسمية على مستوى الحكومات ومؤسساتها. وتسهم العلاقات بين البلدان وفق تلك الأسس والبروتوكولات على تحقيق مصالح كل بلد وآخر، ولا يقتصر ذلك على مصلحة كل دولة وشعبها فحسب، بل تشمل الاتفاقيات الثنائية تبادل المنافع، كما تحفظ الود والصداقة والمكانة الكبيرة بين الدول. وفي مثال على ذلك، ما شهدته العلاقات السعودية - اليابانية في خمسينيات القرن الماضي، إذ قررت الإمبراطورية اليابانية أن تكون السعودية البلد الأول الذي يزوره ولي العهد الياباني، وأن يصبح ذلك تقليدا دائما لكل ولاة العهد في اليابان، فما هي القصة؟. فوفقا لما كشفته دارة الملك عبدالعزيز، تعود الحكاية إلى عام 1372ه/1953م، عندما شارك الملك فهد بن عبدالعزيز -طيّب الله ثراه- (عندما كان أميراً آنذاك) في مراسم تتويج الملك إليزابيث الثانية في لندن، نيابة عن والده الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود -طيّب الله ثراه-، إذ لاحظ أن ولي عهد اليابان آنذاك أكي هيتو (أصبح إمبراطورا لليابان من 7 يناير 1989 حتى تخليه عن العرش في 30 أبريل 2019) جاء بعده في ترتيب الجلوس وفق بروتوكول القصر الملكي الإنجليزي، فسمح الملك فهد بتقديمه ليسبقه في الترتيب بناء على مكانة هيتو ولياً للعهد. هذا الموقف التاريخي حفظته الإمبراطورية اليابانية، وسرّع في العلاقات البينية، وقررت تقديرا لذلك أن تكون السعودية البلد الأول الذي يزوره ولي العهد الياباني، وأن يصبح ذلك تقليدا دائما لكل ولاة العهد في اليابان. من جهته، تفاعل سفير اليابان في السعودية فوميو إيواي، مع ما أوردته دارة الملك عبدالعزيز، وقال: «شكراً على نشر هذه القصة الجميلة التي ربطت بين الأسرة المالكة السعودية والأسرة الإمبراطورية اليابانية»، وأضاف: «أود أن أؤكد أن ما حدث في لندن صحيح ولست على دراية ببقية القصة. ما أعرفه هو أن المملكة كانت أول دولة زارها إمبراطور اليابان (السابق) في الخليج خلال ولايته للعهد».