كتب التاريخ للدرعية، عمراً متجدداً، وإنجازاً مجيداً، لتتجاوز حقبة ضعف بسبب الانقسامات، قبل مجيء الإمام محمد بن سعود، ليمنحها من إشراقة روحه، وبسالة وجدانه، وشجاعة أفكاره حصانةً، عززت ماضيها التليد، وهيأت لحاضر انطلقت منه الدولة السعودية، ونشرت ضياءً عمّ إشراقه ليغطي شبه الجزيرة العربية، لتغدو الدرعية منارة الإرث المشرّف للأسرة السعودية المالكة، ورمزاً للوحدة التي يعيشها السعوديون، إلى جانب دورها التاريخي في تأسيس الاستقرار وجلب الازدهار بمشاركة أبناء البلاد في مختلف أنحائها، لتغدو منطلق الدولة في ظل تمدين الدولة. ويذهب المؤرخ الأكاديمي الدكتور خالد كريري إلى أن الحالة السياسية في نجد قبل عهد الإمام محمد بن سعود كانت مضطربة، ولا رابطة تجمع أقاليمها، ولا قوة في نواحيها، إذ كانت مفككة الأواصر، وعلى كل مدينة حاكم، وحكامها مختلفو الكلمة، متباينو النزعات، والفتنة ضاربة بأطنابها في كافة المدن النجدية، ويرى أن ذلك دافعاً إلى فكرة ترسيخ مفهوم أو نظام دولة المدينة، وعزا للإمام محمد بن سعود الفضل، في تأسيس الدولة السعودية في الثلاثين من جمادى الآخرة لعام 1139 ه، ما أدى إلى استقرار تام، توحّدت به المنطقة، وتمتعت الدرعية بنفوذها الداخلي، فلم تخضع لأي قوة خارجية. ولفت إلى بدء الإمام محمد في تعزيز القوة العسكرية للدرعية، وبناء علاقة ودية مع المدن النجدية المجاورة، والحفاظ على استقرارها السياسي، وتوفير الموارد المالية اللازمة، وتقوية المجتمع، وتوحيد أفراده تحت مظلة سلطة سياسية على رأسها الإمام محمد، مشيراً إلى أن أهل الدرعية وقفوا مع إمام الدولة موقف الولاء. وأضاف: كان الإمام ابن سعود يراقب الأوضاع السياسية المحيطة به، وإثر تجربة سياسية أدرك أنه من الضرروة قيام مشروع الدولة القطرية، والقضاء على ما يسمى بدولة المدينة، التي كانت سمة أغلبية المدن النجدية. وعدّ اليوم الوطني الموافق 23 سبتمبر امتداداً ليوم التأسيس، كون الملك عبدالعزيز بإقامته وتوحيده لكيان المملكة العربية السعودية، وطّد الوحدة التي أقامها جده الثاني الإمام تركي بن عبدالله، وكرّس للوحدة السياسية التي أقامها جده الرابع الإمام محمد بن سعود، ويرى أن غاية يوم التأسيس، التعريف ببداية تاريخ الدولة السعودية الذي بدأ في يوم 30 / 6/ 1139 ه، على يد الإمام محمد بن سعود، وليس يوم التأسيس بديلا عن اليوم الوطني.