اختلطت مشاعر المثقفين، حِيال سؤال الانطباع العام عن عام 2021، فيما يومه الأخير يلملم أسمال الذكريات الفاجعة، ويستعرض أوشحة الإنجازات الرائعة، مؤذناً برحيلٍ دون حرصٍ عليه ولا تمسكٍ به، بحكم ما حمل في طياته، من أحلام أفلت، ونوايا مشاريع تأجلت، ومرايا طموحات تشظّت، و(على المستوى السعودي المحلّي) كانت فاتحة العام باعتماد الإستراتيجية الثقافية للقطاع غير الربحي، وتأسيس 16 جمعية مهنية للمثقفين والفنانين. وشهد شهر مارس، 2021، نشر تقرير «الحالة الثقافية في المملكة رقمنة الثقافة» مستعرضاً حضور القطاعات الثقافية (التراث، والمتاحف، والمواقع الثقافية والأثرية، والمسرح والفنون الأدائية، والكتب والنشر، وفنون العمارة والتصميم، والتراث الطبيعي، والأفلام، والأزياء، واللغة والترجمة، وفنون الطهي، والمهرجانات والفعاليات الثقافية، والأدب، والمكتبات، والفنون البصرية، والموسيقى) من خلال محاور «الإبداع والإنتاج، والحضور والانتشار، والمشاركة، والبنية التحتية والاقتصاد الإبداعي، ورقمنة الثقافة، والتطورات التنظيمية، والإدارة المستدامة». وفي شهر يونيو 2021، أعلنت هيئة التراث توصل علماء آثار وأحافير من الهيئة بالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وجامعة الملك سعود، ومعهد ماكس بلانك الألماني، إلى اكتشاف مخلفات من الآثار والأحافير التي كشفت تقنية الكربون المشع أن عمرها يربو عن 7000 عام، في كهف أم جرسان بحرّة خيبر في المدينة المنورة، إضافة إلى غنى الكهف بعشرات الآلاف من عظام متنوعة لحيوانات، وجميعها بحالة جيدة رغم مرور الزمن، إضافة إلى جماجم إنسان يرجح أنها نُبشت من قبور قريبة تعود لما قبل التاريخ. وخلال الربع الأول من عام 2021 اعتمدت هيئة التراث تسجيل 624 موقعاً أثرياً وتاريخياً جديداً في السجل الوطني للآثار، ليصل مجموع المواقع الأثرية التي تم تسجيلها إلى 8176 موقعاً بمختلف مناطق المملكة. وفي شهر يوليو 2021، دشّنت هيئة المسرح والفنون الأدائية إستراتيجيتها لتطوير القطاع المسرحي بالمملكة، متضمنة رؤيتها ورسالتها وأهدافها الإستراتيجية المؤهِلة لإدارة قطاع المسرح، والفنون الأدائية بأفرعها السبعة، إضافة إلى دورها في تفعيل دور العرض، وتشجيع صناعة المحتوى المسرحي ونشر ثقافة العروض الأدائية، لتمكين المواهب السعودية. وفي ذات الشهر بادرت المملكة بالمشاركة في مهرجان (كان) السينمائي، وعرض المشاركون خُطة طريق لمستقبل صناعة السينما العربية والوصول بها إلى العالمية، إذ كشف القائمون على مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عن تلقيهم أربعة ملايين دولار منحة إضافية من هيئة الأفلام لدعم صانعي الأفلام العرب، وأعلن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) عن عقد شراكات بين سينمائيين سعوديين وعرب، لإنتاج فيلمي؛ «بحر الرمال» و«طريق الوادي». وفي شهر أغسطس 2021، نظّمت هيئة الأدب والترجمة والنشر ملتقى الأدباء في منطقة عسير بمشاركة أدباء ونقاد سعوديين، وطرح المشاركون أفكاراً ورؤى عن واقع المشهد الأدبي السعودي وآفاقه المستقبلية، والقطاع الأدبي في المملكة، وتطلعاته، وخرج بتوصيات محفّزة لمواكبة تطورات المشهد الأدبي السعودي، ورعاية المواهب لتعزيز التواصل بين الأجيال والحقب. وفي شهر أكتوبر 2021، افتتح وزير الثقافة معرض الرياض الدولي للكتاب، في نسخته الأولى تحت مظلة هيئة الأدب والترجمة والنشر، وشاركت في المعرض أكثر من ألف دار نشر سعودية وعربية وعالمية مثّلت 28 دولة، وحلّت جمهورية العراق كضيف شرف، وأسهم الوفد الثقافي والفني في ندوات وأمسيات ثقافية وغنائية وفلكلورية، وتناول مشاركون تجارب (محمد مهدي الجواهري، وبدر شاكر السياب، وعلي جواد الطاهر، وواسيني الأعرج، والأمير خالد الفيصل). وفي شهر نوفمبر 2021، أعلن وزير الثقافة إطلاق مبادرة وطنية لاستكشاف النقوش والفنون الصخرية في مختلف المناطق السعودية «نقوش السعودية»، بمشاركة كافة الشرائح الاجتماعية، ضمن مبادرة «نقوش» التي تهدف إلى تسليط الضوء على النقوش والمنحوتات الصخرية بالمملكة. وفي شهر ديسمبر 2021، شهدت العاصمة الرياض عقد أول مؤتمر للفلسفة «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة»، «مهرجان الأفكار»، بمشاركة مفكرين ومتخصصين من العالم، في بادرة لترسيخ جسور التواصل الفكري والفلسفي على أسس فكرية ومعرفية مشتركة، وتبعه مهرجان البحر الأحمر السينمائي، في جدة التاريخية، واستمر حتى 15 من الشهر. وحالياً تستضيف وزارة الثقافة معرض بينالي الجنوب الدولي للفن المعاصر بينالسور في دورته الثالثة، بالتعاون مع جامعة تريس دي فيبريرو الوطنية في الأرجنتين كونها ابتكرت البينالي وطوّرته. وانطلق المعرض في الأول من ديسمبر 2021، وقررت تمديده إلى نهاية شهر يناير 2022. ويقام في قصر خُزام في جّدة، إثر اختتام فعالياته في حي جاكس في الدرعية. فيما تم تسجيل منطقة حمى الثقافية في نجران على موقع التراث العالمي في اليونسكو لتكون سادس المواقع العالمية السعودية، كما أُدرجت محمية فرسان ضمن برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (ماب) التابع لليونسكو، وتم تسجيل الخط العربي على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي، لمنظمة اليونسكو. وأعلنت الدرعية عاصمة للثقافة العربية 2030. وخليجياً منحت جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلات، جائزتها في فرع «الرحلة المحققة» لعيسى عودة برهومة من الأردن ومحمد عيناق من المغرب، وفرع «الدراسات» لحافظ قاسم صالح صادق من اليمن، وفرع «الرحلة المترجمة» لنعيمة الحوسني من الإمارات، وهادي عبدالله الطائي من العراق، ونالت جائزة فرع «الرحلة المعاصرة» لينا هويان الحسن من سوريا، وعمار علي حسن من مصر، وذهبت جائزة فرع «اليوميات» إلى أحمد سعيد نجم من فلسطين، وفاز بجائزة فرع «اليوميات المترجمة» يوسف وقّاص، من سوريا، وأيمن حسن من تونس، وفي فرع «الرحلة الصحفية» فازت بالجائزة زهية منصر من الجزائر، ونال كل من أحمد زكريا من مصر، وملاك دينيز أوزدمير من تركيا جائزة فرع «الرحلة الصحفية المترجمة». وتصدر الأعمال الفائزة عن دار السويدي في سلاسل «ارتياد الآفاق» للرحلة المحققة والرحلة المعاصرة والدراسات بالتعاون مع المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. وعربياً منحت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية، جائزة البوكر العربية، في دورتها 14 لعام 2021 لرواية «دفاتر الوراق» للأردني جلال برجس. وعالمياً فاز الروائي الزنجباري البريطاني (عبدالرزاق قرنح) بجائزة نوبل للأدب، ومن حيثيات المنح (اختراقه المتشدد والعاطفي لآثار الاستعمار ومصير اللاجئ في الخليج بين الثقافات والقارات). (أحزان بالجُملة) لم يمر العام 2021 دون أن يترك ندوباً في الوجدان، باصطفاء أعلام، منهم الشيخ ناصر الشثري، والشيخ عبدالرحمن العجلان، والشاعر أحمد إبراهيم الحربي، والممثل مبارك الخصي، والشاعر مستور العصيمي، والإعلامي فهد الحمود، والأديب الطبيب الدكتور عبدالله مناع، والشاعر محمد مهاوش الظفيري، والفنان عبدالله الصريخ، والمذيع عبدالرحمن يغمور، والوزير أحمد زكي يماني، والإعلامي محمد الوعيل، والمؤرخ الدكتور محمد بن سعد الشويعر، والفنان حسن دردير، والمخرج عبدالخالق الغانم، والناشر فيصل الشهيل، والمذيع فهد الشايع، والملحن طلال باغر، والأديب عبدالعزيز الربيعي، والباحث الدكتور عبدالحميد أبو سليمان، والشاعر أحمد بهكلي، والأديب الشاعر عبدالله بن إدريس، والناشر علي بن محمد العمير، والموسيقار غازي علي، والناقد الدكتور محمد خضر عريف، والأديب أحمد مطاعن. فيما رحل الباحث الفلسطيني اللبناني جورج زيناتي، والشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، والأديبة المصرية الدكتورة نوال السعداوي، والشاعر الناقد الفلسطيني عز الدين المناصرة، والمفكر التونسي هشام جعيط، والشاعر العراقي سعدي يوسف، والشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة، والروائي اللبناني جبور الدويهي، والمفكّر المصري حسن حنفي، والشاعرة السورية اللبنانية إيتيل عدنان.