دعا استشاري أمراض الصدر وطب النوم ومدير مركز طب وبحوث النوم بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور سراج عمر ولي، طلبة المدارس الذين يتمتعون بإجازة نهاية الفصل الدراسي الأول بتجنب السهر لساعات طويلة إلى ما بعد الفجر. وبين أن السهر الطويل والمفرط يضعف المناعة، كما يسبب أيضا اضطرابات في قراءات السكر والدهون وضغط الدم، إضافة إلى التوتر العاطفي والتسرع وعدم الانضباط في اتخاذ القرار، إلى جانب تحفيز الشعور بالجوع والإحساس المستمر بالرغبة في التهام المزيد من الطعام وبالتالي زيادة الوزن. وأضاف أن النوم الصحي ليلاً والاستيقاظ مبكراً يعزز عمل الجهاز المناعي، الذي ينتج أثناء النوم مواد وقائية لمكافحة العدوى، ومن هذه المواد السيتوكينات التي تستخدم في مكافحة البكتيريا والفيروسات، وتساعد على النوم، وتمد الجهاز المناعي بالطاقة اللازمة للدفاع عن الجسم ضد المرض، بينما نقص أو سوء النوم قد يمنع الجهاز المناعي من بناء نفسه، واستعادة قوته، مما يؤدي إلى ضعفه في مكافحة الأمراض، وقد يستغرق الشخص وقتاً أطول من العادة حتى يشفى من المرض، وبما أننا نمر في هذه الفترة بتحديات عديدة ناتجة عن فايروس كورونا فإن حاجة كل فرد ضرورية في المحافظة على جهاز مناعي قوي أكثر من أي وقت مضى. وأشار إلى أن نقص النوم يزيد على المدى الطويل فرص تعرض الفرد لمخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل: مرض السكري، وأمراض القلب، كما يضعف السهر وقلة النوم قدرة الجزء المنطقي من الدماغ (قشرة الفص الجبهيّ) على السيطرة على الجزء العاطفيّ، ممّا يؤثّر على معالجة العواطف، والقدرة على التفكير بالشكل الصحيح، كما أنّ السهر يحدّ من إنتاج الهرمونات اللازمة لتنظيم النمو، والشهية، إضافة إلى أنّه يساعد على الإفراط في إنتاج المواد الكيميائية للإجهاد. وأكمل أن أهمية النوم الصحي وعدم السهر تكمن أيضًا في أهمية هرمون «الميلاتونين» وهو هرمون موجود بشكل طبيعي في الجسم، وينتج من الغدة الصنوبرية في الدماغ، ويلعب دورًا مهمًا في تنظيم دورة النوم لدى الإنسان، وهذا الهرمون يفرز ليلاً ويكون في أعلى مستوياته في ساعات الليل المتأخرة (3 إلى 4 صباحًا)، أي نحو 3 ساعات بعد الدخول في النوم، ثم يبدأ في الانخفاض تدريجيًا استعدادًا للاستيقاظ، ويرتبط الارتفاع اليومي في إفراز الميلاتونين بانتظام أوقات النوم، ويصبح موعد إفراز هرمون الميلاتونين قبل ساعتين من موعد النوم المعتاد عليه، ووظيفة الميلاتونين الرئيسية في الجسم هي تنظيم دورات الليل والنهار أو دورات النوم والاستيقاظ، ويكون الظلام سببًا في إنتاج الجسم للمزيد من الميلاتونين، ما يشير إلى استعداد الجسم للنوم ورغبته فيه، وفي المقابل يقلل الضوء من إنتاج الميلاتونين وهذا يساعد الجسم للاستعداد للاستيقاظ. وعن سلوكيات النوم الصحي التي تشمل جميع أفراد المجتمع مضى «ولي» قائلاً: لا بد من تحديد وقت ثابت للنوم والاستيقاظ من النوم، والابتعاد عن الجوال والشاشات قبل النوم بمدة لا تقل عن ساعة؛ لأنها تؤثر على إفراز هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم، وجعل غرفة النوم مكانًا هادئًا خاليًا من الضوضاء ذا درجة معتدلة، مع ممارسة الرياضة قبل النوم بفترة لا تقل عن 4 ساعات، والابتعاد عن المنبهات مثل القهوة والشاي والتدخين في فترة الليل، مع تنظيم أوقات الأكل بتجنب الوجبات الثقيلة أو الطعام الدسم قبل النوم، والتنفس العميق قبل النوم يساعد على الدخول في النوم. وجدد البروفيسور ولي تأكيده أن راحة الجسم تتكيف مع تقلب الليل والنهار، وهذا التكيف يكون نتيجة لنظام الساعة البيولوجية، ففي ساعات الليل يشعر الإنسان بالنوم ويميل إليه، وأما في النهار، فيكون الإنسان في ذروة نشاطه، ويحافظ الجسم على هذا النظام لمدة طويلة، لذا فإن أي تغيير في تقلبات الليل والنهار ستفاجئ الجسم بما لا يعرفه، ويحتاج إلى وقت طويل لكي يتكيف مع الزمن الجديد يكون خلالها دفع ثمن ذلك نعاسا وتهاونا في أمور حياته والعمل أو التعليم ومزاجا متعكرًا وتركيزا أقل والكثير من التداعيات الصحية على المدى البعيد.