تشير دراستان أمريكيتان، عرضتهما صحيفة «نيويورك تايمز» أمس، إلى أن السلالات المتحورة وراثياً من فايروس كورونا الجديد، خصوصاً سلالتي «ألفا» البريطانية، و«دلتا» الهندية المنشأ، تصيبان عدداً أكبر كثيراً من ضحايا السلالة الأصلية للفايروس، لسبب واحد، يتمثل في أن السلالات الجديدة تطور قدراتها على التفشي المتسارع من خلال الهواء الطلق. وكان اكتشاف قدرة فايروس كورونا الجديد على التفشي داخل الأماكن المغلقة أدى السنة الماضية إلى سجالات طويلة بشأن ضرورة استخدام الكمامات، والتزام مسافات آمنة لما يعرف بالتباعد الجسدي والاجتماعي. وبات علماء العالم يجمعون الآن على أن الفايروس يتفشى سريعاً من خلال قُطَيْراته المتناثرة في الهواء، التي تهوي سريعاً إلى الأرض، حيث يمكنها أن تسبح في هواء الغرف والأماكن المغلقة، لتستقر في رئتي من تصيبه، حيث يبدأ الفايروس مهمته التدميرية. وعلى رغم أن هاتين الدراستين تتفقان مع إجماع العلماء بشأن تناثر الفايروس في الهواء؛ إلا أنهما تؤكدان الحاجة إلى كمامات أكثر قدرة على الحماية في بعض الحالات. كما أنهما تشيران إلى قدرة الفايروس على تغيير سبل تفشيه، بحيث يصبح أقوى من قدرة الإنسان على مكافحته. وأشارت «التايمز» إلى أن إحدى الدراستين أجراها فريق بقيادة عالم مكافحة الفايروسات بالمعهد القومي الأمريكي للحساسية والأمراض المُعدية فنسنت مونستر. وتشير الدراسة إلى أن سلالة ألفا المتحورة وراثياً، التي اكتشفت بمقاطعة كنت في بريطانيا، يمكنها أن تسافر مسافات أبعد عبر الهواء الطلق، وأن تتسبب بمزيد من الإصابات من خلال قُطيراتها المتساقطة من الهواء. أما الدراسة الثانية فتوصلت إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بسلالة ألفا المتحورة وراثياً استنشقوا جُزَيْئات من الفايروس أكبر 43 مرة ممن أصيبوا بالسلالة الأصلية للفايروس. وكانت دراسة أخرى نشرتها مجلة المكافحة الإكلينيكة للأمراض المُعدية مطلع الشهر الجاري أكدت أن الأدوات المتاحة لكبح تسارع تفشي سلالات فايروس كورنا الجديد لا تزال فعالة في تحقيق الغرض منها. وأضافت أنه حتى ارتداء كمامة قماشية فضفاضة، أو كمامة طبية يمكن أن يسفر عن حجب نصف الحمولة الفايروسية المتناثرة في الهواء المحيط بالإنسان. من جهة أخرى، ذكرت نتيجة استطلاع للرأي في واشنطن أن تفشي سلالة دلتا المتسارع في الولاياتالمتحدة جعل عدداً كبيراً من الآباء وأولياء أمور الأطفال على إخضاعهم للقاحات المضادة لكوفيد-19، بنسبة أكبر مما كان عليه عددهم خلال يوليو الماضي. وذكر واحد من كل أربعة آباء شملهم الاستطلاع أن واحداً على الأقل من أطفالهم أعيد من مدرسته ليعزل نفسه صحياً في منزل الأسرة، بسبب مخالطة مصاب منذ بدء السنة الدراسية. وكانت السلطات الصحية الأمريكية قررت في منتصف مايو الماضي الموافقة على استخدام لقاح شركتي فايزر-بيونتك لتلقيح الأطفال من سن 12 إلى 15 عاماً. وقالت الشركتان الثلاثاء الماضي إنهما قدمتا إلى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية بيانات تجاربهما السريرية على استخدام اللقاح نفسه على الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 5 سنوات و11 سنة. وتشير الإحصاءات الفيديرالية الأمريكية إلى أن 57% من الأطفال من سن 12 إلى 15 عاماً حصلوا على الأقل على جرعة واحدة من لقاح فايزر-بيونتك. وطبقاً لنتيجة استطلاع الرأي التي نشرتها «نيويورك تايمز» أمس، فإن 34% من آباء الأطفال من سن 5-11 عاماً أضحوا يفضلون بشكل متزايد تطعيم صغارهم «في أقرب فرصة ممكنة». ولم تكن تلك النسبة تتجاوز 26% خلال يوليو الماضي. ويذكر أن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية كانت أعلنت (الجمعة) أنها قررت عقد مناقشات تستمر ثلاثة أيام خلال أكتوبر الجاري لخبرائها المستقلين المتخصصين في اللقاحات، وذلك بهدف مناقشة إمكان فسح لقاح فايزر-بيونتك لتطعيم الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً، وإمكان فسح جرعة تنشيطية من كل من لقاحي موديرنا وجونسون آند جونسون. وعادة ما تصدر الهيئة قرارها خلال أيام من اختتام تلك المناقشات العلنية لخبرائها المستقلين. وأعلنت الهيئة أن الخبراء المستقلين سيناقشون على مدى يومي 14 و15 الجاري موضوع الجرعة التنشيطية من لقاحي موديرنا وجونسون آند جونسون؛ فيما سيناقشون تطعيم الأطفال 5-11 عاماً بلقاح فايزر-بيونتك في 26 الجاري.