إن السعودية لديها تجارب ناجحة في مشاركة القطاع الخاص «التخصيص»، وتقديم الخدمات على نطاق واسع في قطاعات مختلفة، كالنقل والاتصالات والبتروكيماويات والقطاع المالي، وأثبتت تلك التجارب نجاحاتها في تلك القطاعات. استطاعت حكومة المملكة بطرحها مبادرة تخصيص عدة قطاعات خدمية حكومية بما يتوافق مع مستهدفات «رؤية 2030» أن تضع منطلقا لتحسين ميزان المدفوعات وزيادة مساهمة القطاع الخاص بنسبة من 40% إلى 65% من الناتج المحلي الإجمالي، وخلق رافد جديد للاقتصاد السعودي بعملية «التخصيص» لبعض الخدمات الحكومية وإتاحتها أمام القطاع الخاص والدولي، والتأسيس لمرحلة اقتصادية قادمة تتطلع لتنمية مستدامة يتحقق معها الرفاه للمجتمع. من المهم أن نفهم ما يعنيه مصطلح «الخصخصة»، ويمكن تعريفها بوصفها مجموعة متكاملة من السياسات والإجراءات التي تكفل نقل ملكية وإدارة المشاريع العامة أو المشتركة إلى القطاع الخاص لتحقيق التنمية بالاعتماد على حرية المنافسة، وتشجيع المبادرات الفردية، وتعبئة موارد القطاع الخاص، وإصلاح الجهاز الإداري للدولة، إذ تعتبر أحد برامج الإصلاح الاقتصادي التي تتبناها معظم الدول في العالم لتبسيط الإجراءات الحكومية، ولمواجهة ترهل الأجهزة الحكومية والتغلب على عدم كفاءة بعض نظم الرقابة والمحاسبة في الوحدات العامة ومكافحة الفساد وعدم كفاءة الإنتاج. وعلى مَرّ تاريخ السعودية كان القطاع العام هو القوة الدافعة وراء التنمية، وهو من يقوم بتنفيذ المشاريع، وتقديم الخدمات في أغلب القطاعات، واليوم تتوجه الحكومة إلى أن تكون هي المشرِّع والممكِّن والمنظِّم، إضافة لتفرغها لمجالات أساسية أخرى، مثل: الدفاع، القضاء، الأمن الداخلي، والخدمات الاجتماعية، ورفع مستوى الكفاءة الاقتصادية لإدارة الأموال داخل الدولة، وتلك من فوائد الخصخصة من منظور سياسي، أما المنظور الاقتصادي فتهدف فيه «الخصخصة» إلى استغلال المصادر الطبيعية والبشرية بكفاءة وإنتاجية أعلى. ويهدف برنامج «التخصيص» إلى تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات، وإتاحة الأصول الحكومية للقطاع الخاص، وتحسين جودة الخدمات بشكل عام مما يقلل تكاليفها على الحكومة، مع الأخذ في عين الاعتبار مصلحة المواطن.