قررت السعودية وضع سياسة وطنية لمنع عمل الأطفال واتباع نهج استباقي يحظر استخدام الصغار في مهام لا تتوافق مع طفولتهم. وعدّت المملكة السياسة الوطنية أداة رئيسية لهذا الهدف وشكّلت فريق عمل من جهات حكومية وعضوية ممثلي أصحاب العمل وممثلي اللجان العمالية لإعداد المشروع برئاسة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وعضوية وزارات الداخلية، الخارجية، العدل، التجارة، ووزارة المالية، وهيئة حقوق الإنسان، والهيئة العامة للإحصاء، ومجلس الغرف السعودية، واللجنة الوطنية للجان العمالية، وتمت الاستعانة في هذا الغرض بوزارتي التعليم والاقتصاد والتخطيط والنيابة العامة ومجلس شؤون الأسرة. وتعتبر السعودية النمو السليم للطفل وتطوره النفسي والعقلي والبدني مرتكزا أساسيا وصاغت الجهات المعنية سياسات تمنع أي ممارسات قد تكون عائقاً أمام حصول الطفل على حقوقه، ومن ذلك عمل الأطفال الذي عادة ما يكون مصحوباً بالأخطار الجسدية والنفسية عليهم، ويتسبب في حرمانهم من التعليم أو اللعب أو الاهتمام. ويقول وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أحمد سليمان الراجحي إن السياسة الوطنية تمنع عمل الأطفال في المملكة ويمكن المجتمع -من خلال حزمة من التدخلات على مستويات مختلفة في قطاعات الدولة- من مناهضة عمل الأطفال إن وجد أو الوقوف له بالمرصاد مستقبلاً، وتأتي السياسة الوطنية بشكل متسق مع نظام حقوق الطفل في السعودية ومع الاتفاقات والبروتكولات الدولية، كما ستكون السياسة الوطنية جزءاً من المنظومة التشريعية التي ستوفر للطفل بيئة آمنة ومحفزة للنمو والتطور والابتكار. واعتبرت السياسة الوطنية الأطفال ثروة قومية وأن مكانهم الطبيعي هو المدرسة والملعب. وقد يُحرم كثير منهم من فرص التنمية الأساسية في مرحلة الطفولة، وبدلاً من ذلك يتحملون عبء العمل لدعم معيشة أسرهم. ونتيجة لهذا الواقع، تدخل أعداد كبيرة من الأطفال في جميع أنحاء العالم في وقت مبكر سوق العمل الذي لا يتطلب مهارات مسبقة. وهم غالباً ما يكونون أُميين، ويبقون كذلك طوال حياتهم، فيفتقرون إلى الأسس التعليمية الأساسية التي من شأنها أن تمكّنهم من اكتساب المهارات وتحسّن فرصهم في الحصول على حياة عمل لائقة كبالغين. والمقصود بالأطفال من تقل أعمارهم عن 13 عاماً ويعملون في أي أنشطة اقتصادية، والذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً ويعملون بأكثر من العمل الخفيف، بالإضافة إلى جميع الأطفال المنخرطين في أسوأ أشكال عمل الأطفال. العمل الخفيف مسموح.. ولكن! يسمح للأطفال العمل الخفيف الذي لا يتعارض مع التعليم من سن 13 عاماً بناءً على اتفاقية منظمة العمل، ويمكن للدول التي لم يبلغ اقتصادها وتسهيلاتها التعليمية درجة كافية من التطور أن تحدد السن الأدنى للعمل فيها ب14 عاماً بدلاً من 15 عاماً، والسماح بالعمل الخفيف للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاماً. ووفقاً لنظام العمل في المملكة فإن الحد الأدنى لسنّ الاستخدام في السعودية والعمل على أراضيها أو على وسائل النقل المسجلة على أراضيها هو سن الخامسة عشرة، ومن ثم يكون العمل الخفيف مسموحاً للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً وفق الاشتراطات. حمايتهم من النزاعات والاستغلال والتسول حققت السعودية تطوراً اجتماعياً واقتصادياً مهماً، وفي شهر أبريل (2016م)، أطلقت الرؤية السعودية لعام (2030)، وهي خطة طموحة طويلة الأمد للتنمية المستدامة. ولبناء القدرات المؤسسية اللازمة لتحقيق أهداف الرؤية تم إطلاق برنامج التحول الوطني في شهر يونيو من عام (2016م) عبر (24) مؤسسة حكومية تعمل في القطاعات الاقتصادية والتنموية، ومن بينها وزارة الموارد البشرية المسؤولة عن عدد من أهداف برنامج التحول الوطني، وكذلك عن الإجراءات اللازمة لتحقيقها. وحظيت أخيرا قضية عمل الأطفال في المملكة باهتمام متزايد من واضعي السياسات والأنظمة ومنظمات رعاية الأسرة، وسبق أن صدّقت في عام (2001) على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، وفي عام (2014) صدقت على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام. كما سجلت المملكة خطوات متقدمة في مجال حماية حقوق الطفل، من خلال وسائل تشريعية وتنفيذية داعمة لتوفير الحماية من النزاعات المسلحة والاستغلال الجنسي. وتشتمل الأنظمة السعودية على مفهوم حماية الأطفال من جميع أشكال سوء المعاملة أو الإهمال التي قد يتعرض لها الطفل، وتغطي جميع أنواع الأذى وسوء المعاملة، بما في ذلك الاستغلال الاقتصادي. أمّا ما يتعلق بمسألة التسول، أحد أشكال عمل الأطفال، فيعتبرها النظام خطراً قد يتسبب في انحراف سلوك الطفل، وقد يؤدي إلى أفعال غير مشروعة خارج نطاق وسلطة الوالدين أو مقدمي الرعاية. السعودية.. المعدل الأعلى في الأمان الاجتماعي يحث مشروع السياسة الوطنية على تعزيز قدرة مفتشي العمل وضباط الشرطة لجهة اكتشاف ومراقبة جرائم على الأطفال ومحاكمة المسؤولين عنها وفقاً للنظام. وبحسب ما يتم تأكيد الحاجة إلى التصدي لعمل الأطفال في الزراعة بالمملكة من خلال البيانات القادمة، يجب اتخاذ تدابير لدعم العمل اللائق لأولئك الذين يكسبون رزقهم في الاقتصاد الريفي، والحد من الاعتماد على عمل الأطفال في المزارع والمؤسسات العائلية من خلال جعلها قابلة للحياة بما يكفي لتوظيف البالغين في العمل اللائق. وتسجل المملكة واحدة من أعلى معدلات الإنفاق على شبكة الأمان الاجتماعي للفرد الواحد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجار العمل على تصميم برامج الحماية الاجتماعية. وقد بدأت الجهات المختصة الاستثمار في بناء القدرات عبر نظام حماية الطفل، بما في ذلك منع العنف ضد الأطفال وضمان حصول الأطفال على خدمات عالية الجودة، وإعادة تأهيلهم بطريقة شاملة ومستدامة وصديقة للطفل، وعدم الاكتفاء بسحبهم من الاستغلال فحسب؛ وتحسين قدرة مديري القضايا والأخصائيين الاجتماعيين الآخرين لجهة تعزيز عملية تقييم وإدارة القضايا الفردية لعمل الأطفال وتعقب تسرب الأطفال من المدرسة. ويشكل التسرّب من المدرسة عادة مصدر قلق للدول. لذلك، ستعتمد وزارة التعليم الإجراءات اللازمة لضمان توفير التوجيه للمعلمين ومديري المدارس حول كيفية تعليم الأطفال حقوقهم ومراقبة الحضور المدرسي ودعم الأطفال المعرضين لخطر التسرب. الدوام 6 ساعات.. وفحص طبي مستمر يحظر تشغيل الطفل قبل بلوغه سن الخامسة عشرة، كما يحظر تكليفه بأعمال قد تضر بسلامته أو بصحته البدنية أو النفسية، أو استخدامه في الأعمال العسكرية أو النزاعات المسلحة. ويحظر النظام استغلال الطفل جنسياً، أو تعريضه لأشكال الاستغلال الجنسي، أو المتاجرة به في الإجرام أو التسول. كما يمنع استخدام الأطفال والأحداث في أماكن إنتاج المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو تداولها. وعرّفت الأنظمة «الحدث» بأنه الشخص الذي أتم الخامسة عشرة من عمره ولم يبلغ الثامنة عشرة، ويحظر تشغيل الأحداث في الأعمال الخطرة أو الصناعات الضارة، أو في المهن والأعمال التي يحتمل أن تعرض صحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم للخطر، بسبب طبيعتها أو الظروف التي تؤدى فيها. وتحظر الأنظمة تشغيل الأحداث أثناء فترة من الليل لا تقل عن اثنتي عشرة ساعة متتالية. وفي جميع الحالات، يجب ألا يعمل الأحداث أكثر من ست ساعات في اليوم، طوال أشهر السنة، ماعدا شهر رمضان حيث تنخفض ساعات العمل فيه إلى أربع ساعات فقط. ويجب ألاّ يعمل الأحداث خلال عطلات نهاية الأسبوع أو العطلات الرسمية أو أيام العطلة السنوية، وعلى صاحب العمل الحصول على شهادة صحية للحدث العامل لضمان سلامته. بالإضافة إلى ذلك، يدعو النظام إلى إجراء فحوص طبية دورية متكررة للتأكد من أن العمل الذي يقوم به الحدث لا يؤثر على صحته مع مرور الوقت.. 15 جهة تتولى تنفيذ السياسة الوطنية يتولى فريق العمل تنفيذ السياسة الوطنية ومراجعتها، فبالإضافة إلى مجلس شؤون الأسرة ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، يضم فريق العمل: وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة العدل، ووزارة التعليم، ووزارة الإعلام، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، ووزارة المالية، ووزارة التجارة، والنيابة العامة، وهيئة حقوق الإنسان، والهيئة العامة للإحصاء، ومجلس الغرف السعودية، واللجنة الوطنية للجان العمالية. أما ما يتعلق بالعناصر المحددة لهذه السياسة فيجب على وزارة الموارد البشرية ومجلس شؤون الأسرة أن يكونا المسؤولين الرئيسين على تنفيذ عناصر السياسة الوطنية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة بحسب ما تقتضيه خطة العمل الوطنية. عن كل طفل... 20 ألف ريال غرامة تعتمد وزارة الموارد البشرية قائمة وطنية للأعمال الخطرة المحظورة على الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً ووفقاً لنظام العمل، يبلغ الحد الأدنى لسن القبول في العمل 15 عاماً. وينص القرار الوزاري على عقوبات، منها غرامات قدرها 20 ألف ريال سعودي تتعدد بتعدد الأطفال في حالات تشغيل الأطفال دون سن 15 سنة، ويجوز لوزارة الموارد البشرية السماح لتشغيل أشخاص تتراوح أعمارهم بين 13 و15عاماً في أعمال خفيفة. وجار تطوير قائمة المهن والأنشطة التي يجوز فيها عمل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً وذلك في ظل ظروف محددة بوضوح. وستشمل العملية التشاورية لتطوير قائمة «العمل الخفيف» خبراء في مجال الصحة والسلامة المهنيتين، فضلاً عن منظمات أصحاب العمل والعمال من بين آخرين. وطبقا لاتفاقية منظمة العمل الدولية يجوز للقوانين أو اللوائح الوطنية أن تسمح باستخدام أو عمل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و15 سنة في أعمال خفيفة بشرط ألا تضر بصحتهم وألا تعطل مواظبتهم في المدرسة ولا تضعف قدرتهم على الاستفادة من التعليم الذي يتلقونه. 6 كيانات تتصدى.. التعليم واللعب حقوق أصيلة تشكّل 6 مؤسسات وجهات وطنية كيانات لحماية الطفل، ومن مسؤولياتها التصدي لعمل الأطفال، وهي برنامج الأمان الأسري، الحماية الاجتماعية، النيابة العامة، هيئة حقوق الإنسان، جمعية حقوق الإنسان، حقوق الإنسان (الداخلية)، حقوق الإنسان (التعليم) برنامج الطفولة (الصحة) ووزارة العدل. وتحرص هذه الجهات على ضمان تمتع الأطفال بحقهم في الطفولة والتعليم والعيش السوي والتنمية الكاملة لإمكاناتهم وتوفير بيئة مواتية لمنع عمل الأطفال والقضاء عليه في جميع أنحاء المملكة. وتهدف السياسة الوطنية، جنباً إلى جنب مع خطة العمل المصاحبة لها، إلى وضع مبادئ توجيهية لجهود المملكة لمنع عمل الأطفال والقضاء عليه وتحديد أولويات عمل الحكومة وأصحاب المصلحة إذ يجب أن يتمتع الأطفال، كما هو منصوص عليه في اتفاقية الأممالمتحدة لحقوق الطفل، بالحق في الحصول على التعليم الجيد واللعب.