البعض من الناس ينشغل بتوثيق مخالفاته للنظام بالرغم من أنها تعرضه للمساءلة، كمخالفات منع التجول وغيرها، لكي يخبر المشاهد بأنه شجاع ومتجاوز لمراحل الخوف من التبعات التي يتحملها إزاء أي سلوك غير مسؤول، وهذه من إحدى الصور التي يمكن تفسيرها على سبيل بحث الفرد عن تحقيق ذاته في سلوكيات وممارسات مخالفة للنظم والقوانين حتى ولو كانت الحالة تجبره على عدم احترام النظام. في مرحلة من مراحل الوعي يتطلب الأمر عدم الالتفات للنزوات التي تمليها الذات على صاحبها، إذا كان من المفترض على الوعي العام أن يتبع سلوكيات وممارسات معتبرة، من شأنها أن تحمي الفرد أولا حتى ولو من نفسه، فاحترام النظام يعتبر مرحلة من مراحل الوعي، بينما اختراقه يدل على التخلف، وحينما يكون الفرد ملتزما بالنظام فهذا لا يعني أنه خاضع لمرحلة الخوف التي تجبره الشجاعة على التحرر منها، فينتهج التصرف بسلوكيات لا واعية تجعل منه شخصا متخلفا وغير مسؤول عن نفسه وعن نتائج تصرفاته. الشجاعة حالة إقدام، وهي بالضرورة قد تكون مصحوبة باندفاع غير عقلاني، ذلك من أجل مواجهة الحياة، ولكنها في كثير من الأحيان لا تعبر عن المسالك الصحيحة، وقد تعد تهورا غير مبرر، فبدلا من أن تكون وسيلة للخلاص من مشكلة، قد تكون وسيلة للوقوع في ورطة يصعب الخلاص منها. من الواجب الحذر من إملاءات النفس التي تتطلب الشجاعة في الحين الذي لا تنطبق معطياتها فيه على الواقع، فيما أن الفرد يحفز نفسه بها على ألا يكون شخصا خائفا، وبالتالي فإن التحرر من مرحلة الخوف بتصرفات شجاعة مخالفة للنظام أو ما يمليه الواقع هو بحد ذاته ورطة، لا تفسر أبدا على أن الفرد شجاع وإنما تبرزه في كل مرة على أنه شخص متخلف وغير مسؤول تجاه ذاته ومجتمعه. * كاتبة سعودية ALshehri_Maha@