مع استمرار عدم وجود علاج لمرض كوفيد-19، ولقاح يمنع فايروس كورونا الجديد من الإضرار بالناس؛ أعيد طرح السؤال عن جدوى إمكان قيام بلازما دم المتعافين بإنقاذ أرواح المصابين، وحماية الكوادر الصحية في الخطوط الأمامية للحرب على الوباء. وتقوم البلازما بوظائف حيوية في تفادي إصابة الإنسان بالتهاب التيتانوس، وفشل وظائف الأعضاء لدى ضحايا حوادث السيارات. وتعد البلازما سائلاً نفيساً جداً، إلى درجة أن علماء وصفوه ب«الذهب السائل». وتمثل البلازما نحو 55% من حجم دم الإنسان، وهي تحمل ثلاثة عناصر مهمة لكل أطراف الجسم، وهي: خلايا الدم الحمراء والبيضاء، والصفائح الدموية التي تمنع تجلط الدم ونزفه، كما تحتوي البلازما على بروتينات حيوية، منها الألبومين، وفيبرونيجين، والأجسام المضادة، وتقوم الأخيرة بتدمير البكتيريا والفايروسات التي يعتبرها نظام المناعة أجساداً غريبة على الجسم. ويعلق العلماء أملاً كبيراً على الأجسام المضادة في محاولات كبح الفايروس. وقد استخدمت البلازما منذ أكثر من قرن لمعالجة العدوى. وتقوم الفرضية هنا على أن الأشخاص المتعافين تتكون لديهم أجسام مضادة تقوم في الحال بتدمير الفايروس نفسه إذا حاول شن هجمة مرتدة. وذكرت دراسة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية مطلع أبريل الجاري أن جميع المرضى الذين أخضعوا للعلاج ببلازما الدم، وكانت حالتهم حرجة، تحسنوا، بل إن ثلاثة منهم لم يعودوا بحاجة لجهاز التنفس الاصطناعي. وقالت مجلة إجراءات الأكاديمية القومية الأمريكية للعلوم، في دراسة أخرى، إن المصابين الذين تم حقنهم ببلازما من دماء متعافين حققوا تحسناً ملموساً في أعراض من قبيل الحمى، وضيق التنفس، والسعال، والآلام الصدرية، في غضون ثلاثة أيام من بدء العلاج بالبلازما. وتقوم ألمانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة حالياً بتجارب في هذا الشأن. وتقول بريطانيا إنها نشطت في جمع عينات من بلازما متعافين، وتنظر ضوءاً أخضر لبدء التجارب السريرية. بيد أن دراسة ثالثة من جامعة فودان في الصين ذكرت أن ما قد يصل إلى 30% من المصابين بمرض كوفيد-19 قد لا يطورون أجساماً مضادة لتحميهم من أي عدوى ثانية. وذكر علماء صينيون أن بعض الأشخاص تتكون لديهم أجسام مضادة بقدر ضئيل لا يحميهم من معاودة الإصابة. وقال مدير المعهد القومي الأمريكي للحساسية والأمراض المُعدية الدكتور أنطوني فوتشي: إن الطريق لا تزال طويلة أمام العلماء الأمريكيين قبل أن يعتبر فحص الأجسام المضادة قابلاً للاعتماد عليه. ولا يعرف العلم على وجه التحديد ما هو الحد الأدنى الذي يمكن معه اعتبار الأجسام المضادة أقل من المطلوب للحماية من معاودة الإصابة.