في الأزمات والكوارث الطبيعية أو الأزمات التي من صنع البشر تكون دائما النتائج كارثية على المجتمعات بصفة عامة وعلى الاقتصاد بصفة خاصة، وأقرب مثال فايروس كورونا الذي أصاب العالم بذعر وهلع وللأسف ليس لعامة الناس فقط وإنما للجميع، سياسيين واقتصاديين وعلى وجه الخصوص بعد أن أصاب الفايروس وزيرة الصحة البريطانية وأحد القادة الأوروبيين، ولم يكن الاقتصاد بمنأى من آثار الفايروس بل كان هو أكبر المصابين بآثار فايروس كورونا، حيث كان الاقتصاد الصيني أكبر خاسر اقتصادي وفي نفس الوقت أكبر المستفيدين من خسارة قيمة أسهم الشركات العالمية المستثمرة في مجال التكنولوجيا والصناعات الأخرى في الصين، ويأتي على رأسهم الشركات الأمريكية والألمانية وبقية الشركات العالمية التي تسابقت للاستثمار في إنشاء مصانع لمنتجاتهم في الصين لاقتصاديات التصنيع فيها من حيث انخفاض تكلفة العمالة وسهولة إجراءات الاستثمار والاستفادة من قوة ومتانة الاقتصاد الصيني وانتشاره في بقية أسواق العالم، فعلا من وجهة نظري كمتابع لما يدور في أسواق الأسهم للشركات العالمية المصنعة في الصين والتي انتاب إدارتها وعملاءها ومساهميها الهلع مما دفعهم إلى بيع أسهمهم حتى وصلت إلى أدنى المستويات وأقل من قيمتها الأصلية عند الشراء، وعندها تدخلت الصناديق الاستثمارية الصينية الحكومية والخاصة بشراء جميع المعروض للبيع منذ بداية الهبوط، حتى تمكنت وبكل احترافية وبأسرع قرارات الشراء بتملك أكبر حصص أسهم الشركات العالمية، وبدون نزاع أو قرارات تأميم أو حروب وغيرها، وعلى شاكلة الصين توجهت بعض الصناديق العالمية باستغلال الفرصة لمضاعفة الشراء للأسهم العالمية بعد أن وصلت إلى أقل من قيمتها. وهذا ما يدفعني اليوم لتوجيه رسالتي الشخصية لجميع المساهمين ومالكي الأسهم وصغار المتاجرين بالأسهم المحلية والخليجية وحتى العالمية بالتريث وعدم بيع أسهمهم مهما كانت حاجتهم لها في الوقت الحاضر لأن الأسواق مضطربة جدا، وأحذرهم من فئة أخرى من المستثمرين والصناديق صيادي الفرص وهم جاهزون لشراء الأسهم المنهارة أسعارها، ورغم مشروعية عملهم ولا توجد عواطف في قراراتهم إلا أنني أوجه نصيحتي للمساهمين الصغار بأن لا يستعجلوا في بيع أسهمهم لأن الأزمة طارئة ومن المؤكد بإذن الله عودة الأسواق إلى طبيعتها، محذرا من الصناديق الكبيرة المحلية والعالمية المسموح لها المتاجرة في الأسهم السعودية من سياسة الاستحواذ على حصص كبيرة لشركات متعددة في فترات الكوارث والأزمات، بل أنصح صغار المساهمين وأصحاب المدخرات شراء المزيد من الأسهم، لأن وقت الشراء مناسب للشراء وليس للبيع، وأتمنى على المملكة أن تعد خطة اقتصادية عاجلة لدعم الاقتصاد العام خلال أزمة كورونا، لأن أكبر المتأثرين هم مصدرو البترول شركة أرامكو ومصدرو الصناعات البتروكيماوية المصدرة للصين وللدول المتأثرة أيضا. ومن أكبر المتأثرين اقتصاديا في المملكة كل من يعمل في خدمة الحجاج والمعتمرين والسياحة وعلى رأسهم شركات الطيران والنقل والفنادق والخدمات المساندة لها والتي بنيت استثماراتها وتمويلها على نسب تشغيل محددة، وهذا يدفعنا إلى المطالبة بإعادة جدولة قروض المستثمرين في شركات النقل الجوي والبري وفي الفنادق وعلى وجه الخصوص في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، والمقترضين الآخرين في مجالات أخرى تأثرت كثيرا من فايروس كورونا، علما بأن الاتحاد الأوروبي في اجتماعه الأسبوع الماضي خصص 7 مليارات يورو دعما لاقتصاد دول الاتحاد الأوروبي المتضررة وعلى وجه الخصوص لمعالجة الآثار السلبية الاقتصادية التي طرأت على اقتصاد بعض دول الاتحاد الأوروبي، كما وجهت البنوك لإعادة جدولة القروض وإعطاء مهلة للسداد، وأتمنى أن تبادر البنوك في المملكة بمبادرة إيجابية لأصحاب القروض من البنوك السعودية بإعادة جدولة قروضهم مراعاة للظرف. إن استمرار انتشار فايروس كورونا سيدمر الاقتصاد العالمي.