تعود الكمامات مرة أخرى لتتصدر ترتيب الأحداث وشاشات التلفزة ومنصات الإعلام، لقد أصبحت الكمامات أيقونة وعلامة يتعرف إليها الصغير قبل الكبير، فتنشر الذعر والهلع، بطريقة تتدحرج فيها القصة من المشفيات إلى الإعلام وصولا إلى الرأي العام بفئاته ومستوياته. كما أن الكمامات أصبحت تفرض خطوات عملية في كثير من الأحيان، فتعلن حالة الطوارئ في المشفيات والنفير العام في المدارس والجامعات وتتحول التجمعات البشرية إلى محركات تسوق الرعب بالتجييش ضد طرف معلوم أحيانا وضد طرف مجهول في أغلب الأحيان. فخلال الأيام القليلة الماضية، قفزت كورونا المستجدة وتجاوزت الحروب الطاحنة في سوريا والأزمة الليبية والثورة العراقية والحراك الشعبي اللبناني، وخطاب حالة الاتحاد ومحاكمة عزل الرئيس الأمريكي، تتصدرها مشاهد الكمامات وعدادات الوفيات والإصابات والمحطات الدولية الجديدة لكورونا المستجدة. أصبحت ثقافة الكمامات مألوفة كل سنة أو سنتين أو ثلاث، فتضرب أطنابها في الوعي تارة وفي الجهل تارة أخرى. في الشك أحيانا وأحيانا في اليقين. لتتبعها القراءات بين من يعدها ظاهرة تعكس حجم الوعي لدى الأفراد والمجتمعات، ومن يقرأها علامة على جهل الناس وتحولهم إلى سلعة يبيعها الإعلام إلى شركات الأدوية، وبين من يعد ذلك إجراء وقائيا احترازيا يعكس حجم المسؤولية التي يستشعرها إنسان العصر، بينما يراها البعض مؤشراً على حجم الخطر المحدق بالبشرية جراء انتشار هذه الأوبئة حيث لا حواجز تحول دون انتشارها أو تؤجل سرعتها. وإن كان البعض يعدها مؤشراً على الحالة النفسية المضطربة، التي يراد لها أن تترجم إلى سلوك استهلاكي يتمثل بشراء الأدوية والأمصال والواقيات والحمايات من تلك الأمراض. فيما يؤكد البعض بأن القصة برمتها قد تكون مختلقة وإن كانت تستند إلى بعض الحقائق في بعض مراحلها. لأن شركات الدواء تملك لوبيات ومحركات سياسية واقتصادية في كل بلد وفي كل منظمة لترويج وبيع منتجاتها من الأمصال والأدوية والأجهزة، ناهيك عن المكاسب السياسية التي تعمل عليها أجهزة لخدمة هذه الدولة أو تلك. وتستهدف بهذه الحملات الوبائية الدول والحكومات، مثلما تستهدف الشعوب. وهذا هو النوع الأول من التجارتين الخطيرتين المنتعشتين اللتين تستغلهما بعض الدول المتقدمة ضد الدول الأقل نمواً والأضعف التي لا تملك مختبرات. أما التجارة الثانية، التي لا تقل خطورة عن الأولى، فهي تجارة السلاح وما تحتاجه من تهيئة كل السبل لرواجها وترويجها بما في ذلك إشعال الحروب العبثية ودعم الحركات الإرهابية. وهذا ربما ما يفسر استمرار كثير من الحروب العبثية في منطقتنا العربية، التي كلما شارفت على أن تنطفئ، زاد وطيسها واتسعت رقعتها. لست أشكك في جدية كورونا المستجدة في الصين، لكني أسأل وزارة الصحة، أين مختبرات وزارة الصحة وما دورها؟ لماذا لا أحد يتكلم باسم تلك المختبرات؟ * كاتب سعودي [email protected]