كان بيان تحالف دعم الشرعية في اليمن مساء السبت حازماً وواضحاً ومباشراً، وكذلك تصريحات نائب وزير الدفاع السعودي بشأن الأزمة التي تفاقمت في عدن، وفي الجانب السياسي كان موقف المملكة سريعاً وعملياً بدعوة أطراف النزاع إلى لقاء عاجل لاحتواء التصعيد الخطير الذي حدث. كان ذلك متوقعاً ومفهوماً لأنه غير مقبول لدى التحالف أن تستجد أزمة كبيرة ومزعجة على هامش الأزمة الأساسية المتمثلة في الانقلاب الحوثي وتداعياته وما يشكله ذلك من خطر على كل اليمن بجميع مكوناته، فأزمة عدن بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية من شأنها لو لم يتم تدخل التحالف الدفع باليمن إلى وضع في غاية التعقيد وأسوأ مما هو فيه. الإشكالية بين جنوب اليمن وشماله موجودة منذ عام 1994 الذي حدثت فيه الحرب بين الطرفين بعد أربع سنوات من إعلان الوحدة وفشل انفصال الجنوب، هي مستمرة بدرجات وأشكال متفاوتة بحسب تقلبات المناخ السياسي اليمني سابقاً، تصعد إلى السطح أحياناً ثم تعود إلى الكمون. المبررات والدوافع التي يطرحها الجنوبيون كسبب لتأزم علاقتهم بالحكومة المركزية في صنعاء معروفة ومزمنة، وكان يمكن بحثها لو كان اليمن في أوضاع طبيعية بعد انتهاء حكم الرئيس علي صالح، لكن الانقلاب الحوثي أدخل اليمن كله وبكل من فيه في أزمة رئيسية كبرى تلزم كل القوى السياسية تجنيب الخلافات المتراكمة بينها وتوحيد الصف لمواجهة عدو مشترك لكل اليمنيين، وبعد إزالة خطره هناك متسع لفتح الملفات القديمة وما استجد عليها. نعرف أن هناك إشكالات وأخطاء تعتري أداء الحكومة الشرعية؛ بعضها أخطاء استراتيجية مهمة أثرت في فعالية مواجهتها للحوثيين وليس جيداً ولا مفيداً لليمن ولا التحالف إنكار هذه الأخطاء أو التقليل من أهميتها، كما أنها تسببت في حدوث بعض الخلافات والانشقاقات في الآراء والمواقف لبعض المكونات السياسية داخل الحكومة وخارجها ربما شكلت فرصة مواتية للذين يريدون تفتيت المشكلة الرئيسية إلى مشكلات جانبية تُدخل اليمن في دوامة يصعب الخروج منها ويخسر فيها الجميع لتنتهي بضياع اليمن شماله وجنوبه، ولكن رغم ذلك، أي رغم حال الحكومة غير الجيد، إلا أنها قانونياً تمثل الشرعية اليمنية، وأي محاولة للانقلاب عليها بالقوة يعتبر خرقاً للقرارات الدولية الخاصة باليمن والمرجعيات التي تستند إليها، ويضع من يقوم بها في تصنيف المهددين لأمن اليمن والمعطلين لإمكانية الوصول إلى حل لمشكلته، وبالتالي كان الأفضل والأسلم لفض الخلافات معها مهما كانت بالحوار والتفاهم والتفهم للظروف الراهنة والاستعانة بالجانب السياسي في التحالف إلى حين تحسن الأوضاع وانتقال اليمن إلى مرحلة أفضل. ولذلك، نأمل أن يكون الحوار بين أطراف الأزمة الجديدة الذي دعت إليه المملكة بشكل عاجل فرصة حقيقية للهدوء وتحكيم العقل وتغليب المصالح العليا لليمن كوطن للجميع تتحمل كل الأطراف مسؤولية إنقاذه من مآلات أسوأ لو استمرت الخلافات. ورحم الله شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني وهو يقول: جنوبيون في صنعاء، شماليون في عدنِ.