قال الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك لمعاذ بن جبل رضى الله عنه «يُوشِكُ، يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، أَنْ تَرَى مَا هَاهُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا» رواه مسلم، وهذا من دلائل نبوءته عليه الصلاة والسلام، فهذه تبوك قد تحولت إلى بساتين ومزارع عملاقة تنتج أغلب الخضار والفواكه والورد، وتحظى منطقة تبوك بموقع جغرافي استراتيجي مهم، فهي همزة وصل بين بلاد شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وكذلك بلاد مصر وشمال أفريقيا، وتقع على طريق الحج الشامي والمصري، ويمر بها سكة حديد الحجاز، وزاد من مكانتها تنوع تضاريسها ما بين الجبال كجبل اللوز الذي تتساقط عليه الثلوج شتاءً، والسهول الساحلية من حقل شمالاً إلى أملج جنوباً بطول 600كم تقريباً، وتزخر المنطقة ومحافظاتها تيماء والبدع وحقل وضباء والوجه وأملج، بمميزات تاريخية وسياحية وزراعية تميزها عن غيرها. وفي غزوة تبوك في العام التاسع من الهجرة النبوية وهي آخر غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم التي خرج فيها بنفسه، نجحت هذه الحملة في بث الرعب في نفوس الروم وحلفائهم من العرب المتنصرة، وبقى الرسول صلى الله عليه وسلم في تبوك عشرين يوماً أدار منها عدة أحداث لإخضاع المنطقة، وأرسل سرية بقيادة خالد بن الوليد لأكيدر بن عبدالملك بدومة الجندل، وإرسال الرسل والكتب إلى جهات عدة، واستقبل فيها بعض الوفود وصالحهم. وفي العهد السعودي تطورت هذه المنطقة واهتمت بها الدولة كبقية المناطق، والفضل بعد الله لملوك هذه الدولة المباركة والأمراء الذين تولوا إمارة هذه المنطقة وآخرهم الأمير فهد بن سلطان الذي بذل جهوداً كبيرة لتطوير المنطقة، وقد اكتشفت الحكومة الرشيدة أهمية المنطقة وثرواتها الطبيعية وموقعها الاستراتيجي؛ لذلك بدأت بوضع الخطط للعمل على الاستفادة من هذه الخيرات وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وبإشراف من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقد دشن الملك سلمان في زيارته الأخيرة لمنطقة تبوك 151 مشروعاً تزيد قيمتها على 11 مليار ريال. فها هي مدينة نيوم مدينة المستقبل وقد بدأ العمل فيها، وكذلك مشروع البحر الأحمر، ومشروع أمالا، مشاريع عملاقة تحتضنها المنطقة، وبإذن الله نشاهد نتائج هذه الجهود قريباً، وكل هذه المشاريع تقع على ساحل البحر الأحمر.