هناك علاقة خاصة جدا بين الطب والأدب، وفي هذا المجال برزت وتألقت نجوم عدة. في عوالم الرواية برزت أسماء كبيرة ومهمة سواء على الصعيد العربي أو العالمي. فمن باب التذكير هناك أسماء عالمية عظيمة تألقت في عالم الأدب جميعهم كانوا أطباء مثل الروسي أنطون تشيخوف رائد القصة القصيرة، والأمريكي أليفر وندل هولمز، والإنجليزي جون كيتس والأوكراني ميخائيل بولغاكوف وسومرست موم ومايكل كرايتون. وعربيا هناك العديد من الأسماء مثل إبراهيم ناجي صاحب قصيدة الأطلال الشهيرة، والروائي يوسف إدريس، ومصطفى محمود ونوال السعداوي ومحمد المنسي قنديل، وفي السعودية هناك جاسر الحربش وعبد الله مناع وعصام خوقير، الذي رحل عن دنيانا منذ أيام قليلة. رحل عصام خوقير بعد حياة غنية مليئة بالإنجازات والبصمات اللافتة. ابن الأسرة المكية المعروفة والأصيلة، كان أحد أول ثلاثة أطباء أسنان في تاريخ السعودية. والرجل كان ينتمي شكلا وموضوعا إلى فرسان الزمن الجميل والنبيل، فرض حضوره المحترم على من تعرف عليه. كان صوته الدافئ الوقور وشارباه و«سكسوكته» الفريدة، كانت بصمة حضوره المميز وكذلك وضعية غترته وغليونه الذي لم يكد يفارقه. نمط حديثه وكلماته المحترمة كانت تعكس روحه الصافية وخلقه الرفيع. برع وأبدع في عالم الأدب والرواية، وكان غزير الإنتاج كما ونوعا، وتنوع عطاؤه بين الرواية والمسرحية، ومن أشهر مؤلفاته المعروفة روايات: «السنيورة» و«الدوامة» و«وزوجتي وأنا»، ومسرحية «السعد وعد» و«الشيطان في إجازة»، وغيرها من الأعمال الناجحة، وقد حولت العديد من أعماله إلى أعمال إذاعية وتلفزيونية ومسرحية لقيت الاحترام والنجاح الجماهيري والنقدي. رحل الدكتور الأديب عصام خوقير الذي ولد في مكةالمكرمة عام 1927 بعد حياة ثرية، درس فيها الطب في مصر وتخرج فيها عام 1953، وبعدها تلقى الدراسات العليا في بريطانيا حتى عام 1957 ليعود بعدها طبيبا في وزارة الصحة وبعدها في عيادته الخاصة. كتب أيضا في المجلات الاجتماعية والصحف السعودية مقالات في مواضيع مختلفة. عصام خوقير لم يكن فقط طبيبا رائدا تربى على يديه أجيال من الأطباء، وروائيا مميزا ساهم في حراك أدبي راق ومحترم بالإضافة إلى كل ذلك كان وجيها اجتماعيا وقامة راقية يفرض مكانته على كل من عرفه. كل من عرفه سيفتقده، وكل من سمع عنه سيشتاق إليه. رحم الله عصام خوقير رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون. * كاتب سعودي