لو نعلم مدى تأثير الجهل على أنفسنا ومداركنا ومجتمعاتنا، لكنَّا نخوض اليوم معه حرباً شرسة، فالجهل يُدمر ما لا تدمره طائرات الحرب، ويُفقد المرء قدرته على التغيير والمساهمة في إنشاء وتطور الحضارة. الجهل سلاح قوي ونفاذ، لا يشعر بمدى خطورته الشخص الجاهل، ولا حتى من حوله، إلا بعد أن ينشر سمومه القاتلة على المجتمع ويقضي على مستقبله. إن الجاهل يُحارب من يختلف معه، وعندما يتناقش مع غيره يخلو نقاشه من كل صحة ومن الأدلة فتراه خالي الوفاض من كل أحاديثه. وقد قيل في أحد الأمثال: «وفي الجهل قبل الموت موتٌ لأهله، فأجسامهم قبل القبور قبورُ». وهذا المثل يجسد حقيقة الجاهلين من حولنا، فهم أموات رغم الحياة، وعقولهم مدفونة من دون ذنب، يغالطون الحقائق ويسعون لإساءة الفهم والوقوف أمام التطور والتغيير. ولا يمكننا القضاء على الجهل بمحو الأمية فحسب، فالمشكلة ليست في عدم معرفة الكتابة ولكن في عدم التعلم الصحيح، الذي يجعل الشخص مثقفاً ومطلعاً على جميع أمور الحياة من حوله. وفي ظل الجهل تنشأ التفرقة والاختلافات السلبية والأفكار الظلامية التي قد تدهور العالم بشكل كبير وتسعى لخرابه. وبذلك فإن الجهل من أكبر المصائب التي يواجهها البشر والذي بدوره يقضي على كل تقدم للأمة ولا حل له سوى بالتوعية والمعرفة.