أكد عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، على إيمان سموه الراسخ أن الشباب إناثاً وذكوراً هم عماد التقدم والتطور في أي مجتمع في العالم، وعلى ضرورة إعطاء الشباب فرصة للتعلم واكتساب المهارات المجتمعية المتواكبة مع العصر. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سموه خلال حفل افتتاح الدورة الثالثة من مؤتمر الاستثمار في المستقبل تحت شعار "الشباب: تحديات الأزمات وفرص التنمية"، وذلك صباح اليوم الأربعاء، في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات. ورحب حاكم الشارقة بالضيوف المشاركين من الدول والحكومات ومفوضيات وهيئات ومنظمات الأممالمتحدة، ومؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة ومؤسسة القلب الكبير، قائلاً: "يسعدنا لقاؤكم جميعا اليوم، ويسرنا مشاركتكم في المؤتمر العالمي الثالث حول الاستثمار في المستقبل، والذي يركز في هذه الدورة على الشباب وتحديات الأزمات وفرص التنمية". وأضاف ، مثنياً على خلاصة نتائج الدورتين السابقتين الهامة، وأهمية المؤتمر في طرح قضايا الأطفال واللاجئين "وقد تحدث المشاركون في الدورتين الأولى والثانية لهذا المؤتمر عن حماية الأطفال اللاجئين، وبناء قدرات النساء والفتيات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونتج عن المؤتمر الأول "مبادئ الشارقة الستة لحماية الأطفال اللاجئين"، كما نتج عن المؤتمر الثاني "إعلان الشارقة" بتوصياته الهامة في مجالات عديدة منها المساواة والعدل في التعامل مع الإناث في جميع المراحل العمرية والعملية، ودورهم الفعال في تحقيق السلام المجتمعي الفعال". وأشار إلى أهمية توفير البيئة المناسبة ودعم الشباب ورعايتهم وتأهيلهم، قائلاً "يهمنا في هذه الدورة أن نؤكد على إيماننا الراسخ أن الشباب إناثا وذكورا هم عماد التقدم والتطور في أي مجتمع في العالم، وأن نؤكد أيضاً على ضرورة إعطاء الفرص الحقيقية لأبنائنا وبناتنا منذ الصغر للنمو والتعلم واكتساب المهارات المجتمعية المتواكبة مع العصر، في بيئةٍ راعيةٍ مستقرةٍ داعمة، تؤهلهم لبدء وإنجاز دورهم الهام الذي نتطلع ويتطلعون له طوال العمر، ونكرر مرة أخرى في بيئةٍ راعية مستقرة داعمة". وتابع قائلاً "جلسات مؤتمركم اليوم وغداً متعددة، ونتطلع أن تجرى خلالها الحوارات البناءة العميقة حول أوضاع الشباب الحالية في مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأفضل سبل الارتقاء بها على المدى القصير والطويل، لتمكين الشباب من كل الفئات من الحصول على التأهيل المتطور الذي يتلاءم مع قدراتهم ورغباتهم، والخوض في عالم العمل والريادة والابتكار، وتحقيق الإنجازات المطلوبة لتنمية مجتمعاتهم في جميع المجالات". ولفت إلى أهمية طرح مقترحات لتأهيل الشباب وتسليحه بالوعي والعلم ووفق أنظمة المعرفة والتفاعل ومواجهة التحديات، قائلاً "وكلنا نعلم أن عالم اليوم هو عالم اكتساب المعرفة والمنافسة على استخدامها وتطويرها، عالم اليوم هو عالم التواصل والتعاون والعمل المشترك، ولعلكم في بعض جلسات المؤتمر ستطرحون المقترحات المختلفة لأفضل الوسائل والتوجهات التي تقي شبابنا من كل أشكال وأطياف التطرف المدمر للمجتمعات والتي تؤدي إلى تفعيل الأنظمة والإجراءات في دول منطقتنا التي تتيح للشباب المؤهل الواعي الاستفادة من فرص العمل الجاد المثمر في كل بقاع منطقتنا، والتفاعل الهادف مع أقرانهم لإيجاد أفضل الحلول للتحديات التي تواجه مجتمعاتهم في كل المجالات، أينما كانوا، ونحن أولى بشبابنا القادر". واختتم كلمته إلى الحاضرين والمؤتمرين متمنياً سموه لهم مؤتمراً ناجحاً، وإقامة سعيدة، مقدماً سموه شكره إلى المعنيين في مؤسسة القلب الكبير على تنظيم المؤتمر. كما وجهت قرينة حاكم الشارقة رئيسة مؤسسة القلب الكبير والمناصرة العالمية البارزة لقضايا اللاجئين حول العالم الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي،، رسالة مسجلة للشباب والمشاركين في المؤتمر، أكدت فيها أن الشراكة بين مؤسسة القلب الكبير ومنظمات الأممالمتحدة والمجتمع الدولي تقوم على أهداف وقيم مشتركة ترتبط بكرامة الإنسان وحقوقه، وأشارت إلى أن العالم اليوم بأمس الحاجة إلى إحياء القيم وصون حقوق الشباب والمستضعفين ليتمكن من عبور هذه المرحلة إلى مستقبل مستقر. ورحبت سموها في مستهل كلمتها بضيوف المؤتمر قائلة "أود أن أرحب بكم جميعاً في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي إمارة الشارقة وأتوجه بالشكر إلى جميع الحاضرين، وإلى ممثلي هيئة الأممالمتحدة التي تجمعنا بمنظماتها وممثليها أهداف وقيم مشتركة ترتبط بكرامة الإنسان وحقوقه، تلك القيم والحقوق التي أصبح العالم بحاجة ماسة إلى الحفاظ عليها وتكريسها على قائمة أولويات أي خطة تنموية، كي يكون الحاضر لائقاً بإنسانيتنا، وكي يكون الإنسان نواةً لمستقبل تستحقه الأجيال الجديدة:. وتابعت قائلة: "لماذا الاستثمار في المستقبل؟ هذا هو السؤال الذي يُطرح في هكذا مناسبة. ونحن نقول إنه الاستثمار المسؤول في مكونات حاضرنا كافةً وأهمها الشباب ضحايا الصراعات والأزمات في طاقاتِهم وثقافتِهم وثقتِهم بالعالم، هذه الثقة التي لن تتعزز إلا إذا وثقنا بهم أولاً، وبقدرتِهم على التغيير إذا امتلكوا الفرصةَ المناسبة". ووجهت تحية للشباب المشاركين في المؤتمر قائلة "أود أن أوجه تحية خاصة إلى الشباب الحاضر اليوم، وأن أقول لهم: هذا المؤتمر منبرُكم، والشارقة مدينتُكم، ثقوا بأن أصواتَكم تصلُنا، وأحلامَكم تلامسُنا، وقضاياكُم تهمُّنا". وحثت الشباب المشاركين، ليعبروا عن تصوراتهم ورؤاهم لحلول التحديات التي تواجههم، ليكونوا شركاء في صياغة الحلول وصنع القرارات، وقالت: "لا أحد أكثر منكم يدرك عمق الأثر الذي تتركه الأزمات والصراعات والتحديات على حاضركم ومستقبلكم، ولا أحد أفضل منكم في الدفاع عن الحق بحياة كريمة تحترم إنسانيتكم وتصون هويتكم وتحمي أحلامكم. نسأل الله أن يكون هذا المؤتمر على قدر تطلعاتنا، وأن يكون منصة للتوافق على ما يجب فعله خلال المرحلة القادمة، وأن يوفقنا لما فيه خير الإنسانية حاضرها ومستقبلها". وألقت مديرة مؤسسة القلب الكبير مريم الحمادي خلال الحفل كلمة قالت فيها: "سخرت دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة الشارقة كافة الإمكانيات لخدمة الإنسان على أرضها وخارج حدودها، وجعلت من الخير هويةً وغايةً ووسيلة، ومن رؤية حاكمها ورعاية قرينته، استلهمت العزم على التقدم، فحققت الإنجاز تلو الآخر، من عاصمة للثقافة والسياحة والكتاب، إلى مدينة صديقة للأطفال واليافعين وكبار السن وذوي الإعاقة، وعززت مكانتها كراعية لأهم المبادرات التنموية، وحاضنة للشباب وطموحاتهم". وتابعت الحمادي "اليوم نلتقي لنترجم رؤية مؤسسة القلب الكبير، في الوقوف إلى جانب ضحايا الأزمات والفقر، ولنجمع الشباب مع صناع القرار وممثلي الهيئات الدولية والمجتمع الدولي، لنطرح التحديات أساساً للحوار ونخرج بتصورات ورؤى تشكل مداخلاً لحلول عملية، تثري سياسات الدول والمؤسسات، وتساعدهم على تصميم البرامج والمبادرات، لتكون أكثر فاعلية في التعاطي مع أزمات المنطقة، وأكثر قدرةً على مساعدة ضحاياها". وأشارت الحمادي إلى أن رسالة هذه الدورة من المؤتمر موجهة للشباب ضحايا الصراعات والنزاعات بشكل خاص، ولشباب العالم بشكل عام، واعتبرت أن تحفيز الشباب على العمل والبدء في تخطي تحدياتهم، يشكل مهمةً أساسية للجهات المشاركة في المؤتمر وللمنظمات الإنسانية والتنموية التي عبرت عن دعمها لشعاره واستعدادها للشراكة في مبادرات مستقبلية لتمكين الشباب في مناطق النزاع. وختمت الحمادي كلمتها بالسؤال "الشباب يستعجلون الأمل، يختزلون الوقت، ويقفزون بشغف من مرحلةً إلى أخرى، فهل سنكون قادرين على مواكبتهم؟ ". وفي أول مشاركة رسمية لها بعد فوزها بجائزة نوبل للسلام 2018، تحدثت الناشطة العراقية نادية مراد، عن تجربة أسرها على يد تنظيم داعش، ودعت العالم إلى التركيز على أسباب الوحدة ونبذ الفرقة والعنف والكراهية، وطالبت بدعم الجهود الإنسانية التي تبذلها الجهات المخلصة لمساعدة ضحايا الصراعات، وأكدت أن حملات الإبادة التي يمارسها الإرهابيون ستفشل حتماً وسيقدم الجناة والمجرمين إلى العدالة. وكانت مراد تعرضت للاختطاف والتعذيب على أيدي قوى الظلام في العراق، قبل أن تحرر نفسها وتهرب من الأسر لتبدأ نشاطها الداعم لضحايا الإرهاب والداعي إلى مقاومته بشتى السبل. وشكرت نادية مراد خلال كلمتها مؤسسة القلب الكبير وإمارة الشارقة على إتاحة الفرصة لها ولشباب العالم للتحدث عن تجاربهم ليشاركوها مع نظرائهم في البلدان التي تشهد ظروفاً قاسية. وأشارت إلى أهمية الاستثمار في المستقبل وفي طاقات الشباب، وقالت: "هذا هو الاستثمار الوحيد الذي مهما وضعنا فيه من جهود سنبقى بحاجة للمزيد". وقالت مراد: "قبل أسابيع قليلة، تم اختياري لجائزة نوبل للسلام، وأنا أعتبر أن هذه الجائزة بمثابة تكريم لضحايا الصراعات والاضطهاد في العالم أجمع، وتحفيزٌ للشباب على مواجهة تحدياتهم والانتصار عليها. إنها لمسؤولية كبيرة أن يختارني العالم كي أكون صوتاً لضحايا العنف، والمسؤولية الأكبر في توظيف المعاناة التي تعرضت إليها لتكون حافزاً لغيري للعمل على تحقيق السلام والازدهار للأجيال القادمة". وحول تجربة الأسر والاضطهاد التي تعرضت لها مراد قالت: "في 3 أغسطس 2014، واجهت قريتي والقرى المجاورة إبادة جماعية، حيث هاجمتها قوات داعش في ساعات الصباح الباكر، وقتلوا من قتلوهم على الفور، وأخذوا من تبقى أسيراً، وكنت واحدة من الفتيات اللواتي وقعن في الأسر، ومع الوقت تمكنت من الهرب وتركت خلفي أكثر من 300 امرأة لا يزلن في الأسر حتى الآن". وقال وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، في كلمة له في حفل الافتتاح: "أن دولة الإمارات حققت العديد من الإنجازات في قطاع العلوم والمعارف، حيث باتت واحة للعلم والمعرفة، وما اختيار إمارة الشارقة عاصمة عالمية للكتاب 2019، إلا دليلاً على الجهود الكبيرة التي تقدمها في هذا المجال، لافتاً إلى أن الجهود المبذولة في القطاع والنظم التعليمية، تواكب المتغيرات المتسارعة التي يمر بها العالم والتي تفرض نفسها بقوة على حياتنا، وخصوصاً على فئة الشباب، لا سيما تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، ومتغيرات سوق العمل العالمي وحاجاته". ولفت الفلاسي إلى أن التعليم والاستثمار في الإنسان هو وسيلة الوصول إلى المستقبل، وركيزة البناء والتطور الأساسية، مشيراً إلى أن نسبة الشباب دون سن ال 35 تصل إلى 75 %، فيما تتجاوز نسبة الشباب دون ال 24 سنة حاجز 65 %، وهذا يمثل ثروة للمجتمعات، إذا ما استطاعت تمكينهم وتعزيز قدراتهم، وتوظيف هذه الطاقات في النمو المستدام الذي تسعى إليه المجتمعات، مؤكداً أن دولة الإمارات هي دولة المستقبل، لما تمضي عليه من نهج، وما توفره للشباب من إمكانات. وقال وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة : "إن دولة الإمارات وضعت استراتيجية متميزة لمنظومة التعليم، وفق أعلى المعايير العالمية، منذ مرحلة الطفولة المبكرة، بهدف الوصول إلى مخرجات أكاديمية تسهم بشكل فاعل في النمو، واقتصاد المعرفة، واقتصاد ما بعد النفط، الأمر الذي عزز من سرعة انتقال الإمارات من مرحلة البناء إلى مرحلة الجودة والتطوير". واستعرض الفلاسي عدداً من البرامج والمبادرات التي أطلقتها دولة الإمارات، ومنها الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، والتي تشكل منظومة من الخطط والمبادرات التي تهدف إلى تهيئة البيئة الحاضنة لعملية تعليمية متكاملة وغرس ثقافة التعلم مدى الحياة لتمكين الأفراد من التعلم وتنمية الذات بشكل مستمر، داعياً الشباب الإماراتي للارتكاز على المهارات المتقدمة لتطوير قدراتهم ومواءمة هذه القدرات مع المتغيرات المختلفة لسوق العمل. ألقت وزيرة تنمية المجتمع حصة بنت عيسى بوحميد كلمتها خلال الحفل قائلة : "إن مؤتمر (الاستثمار في المستقبل) يشكل إضافة حقيقة للجهود التي تبذلها دولة الإمارات، في مشوار التنمية المستدامة ورؤيتها للمستقبل، لاشتماله على ثلاثة محاور مهمة هي الاستثمار، والشباب، والمستقبل، وهذا يعني أن الاستثمار هو تأمين المستقبل، وأن الشباب هم قلب وروح المستقبل، وأكدت أن الإمارات وضمن رؤاها الاستشرافية للمستجدات، وتبنيها للطموح، ظلت سباقة في رعاية وتمكين الشباب". واستعرضت بوحميد نماذج المبادرات والمجالس الشبابيّة في إمارة الشارقة ودورها في تعزيز مهاراتهم، معربة عن إعجابها بتجارب مجلس شورى أطفال الشارقة، وأندية الشباب العلمية، ومجالس الضواحي، وغيرها من المبادرات المبتكرة ذات الأثر الإيجابي الكبير ودورها في صقل شخصية أطفال وشباب الإمارات، كما توقفت عند مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله)، وتوجيهاته بتغيير مسمى "كبار السن" إلى "كبار المواطنين" مشيرة إلى أنها خطوة تؤكد أن الكبار هم الشباب الذين لا ينضب عطاؤهم، ورسالة على العناية والاهتمام الذي توليه الدولة لشبابها. وتابعت وزيرة تنمية المجتمع: "يبقى الشباب هم الأولوية لدينا، ولا بد لنا من اختيار لغة تجيد التأثير، لا سيما وأننا في عصر الانفتاح على العالم، حيث تتراكم التجارب وتتداخل الحقائق، في حقول التقنيات الحديثة كوسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي لا بد من النظر بعين الانفتاح على اهتمامات شبابنا في الفضاء الإلكتروني، وأن ننتقي السبل الكفيلة بتقبلهم لنصائحنا، والبدء بالاستماع إليهم قبل أن نُسمعهم ما نريد، الأمر الذي يسهم في فهم احتياجاتهم، وينعكس بصورة إيجابية على ثقتهم بأنفسهم، ويتيح لهم المجال للمشاركة في صناعة القرارات المصيرية التي تتعلق بمستقبلهم ومستقبل مجتمعاتهم". من جانبه قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط: "إن جيل الألفية هو جيل محظوظ بالإمكانيات غير المسبوقة للتواصل مع الأفكار الجديدة، وملاحقة التطورات، ولكنه أيضاً جيل يتعرض لتحديات غير مسبوقة، لقد وجد نفسه في خضم تيار هائل من المعلومات والأفكار، ومطلوبٌ منه أن يلاحق هذه الموجات التي تتدفق بلا انقطاع، من دون أن يفقد ذاته وهويته الحضارية المميزة، مطلوبٌ منه أن يعيش في عوالم متفاوتة في سرعاتها، وأحياناً متناقضة في اتجاهاتها. هو جيلٌ محظوظ، ولكنه أيضاً جيلٌ مأزوم، هو لم يصنع أزمته، وإنما وجد نفسه في خضمها وصار عليه أن يتعامل معها، ويواجه تبعاتها، والخطأ كل الخطأ أن نحمله وحده مسئولية هذه الأزمة، والخطأ كل الخطأ أن نظن أن مجتمعاتنا غير مسئولة بدورها عن هذه الأزمة، أو أنها غير مطالبة بالبحث عن الحلول". كما أشار إلى أن جيل الألفية الذي نتحدث عنه، والذي يوشك أن يستلم دفة القيادة في مناحي الحياة المختلفة في مجتمعاتنا العربية، يحتاج إلى تحقيق التوازن السليم بين الاندماج في العصر، بمعارفه وأفكاره وأدواته، والانتماء للمجتمع المحلي بقيمه وثقافته وتطلعاته، والحقيقة أن الانتماء هو شرط للاندماج، فلكي يكون هذا الاندماج مع العصر صحياً، ولكي يكون التواصل مع العالم متوازناً، ينبغي أن ينطلق من أرضية الانتماء للأوطان والثقة في الذات. وشدد أبو الغيط على أن الثقة في الذات، وفي القدرة على الاندماج في الحضارة العالمية من موقع التكافؤ، هو في حقيقة الأمر سمة من سمات الحضارة العربية في عصورها الزاهرة، حيث قال: "نجحت هذه الحضارة في استيعاب عصرها وثقافته، ولم تخش الانفتاح على الآخر بل سعت إليه، ورحبت به، حتى صارت مركزاً للثقافة الإنسانية، وجسراً عبرت عليه منجزات الحضارات القديمة إلى أوروبا البازغة، لقد استطاعت الحضارة العربية أن تحقق التوازن الصعب الذي أتحدث عنه بين الانفتاح والحفاظ على الذات، نجحت في التفاعل مع الآخر من دون أن يؤدي ذلك إلى الاستلاب أو الذوبان، ولا أظن أن الشباب العربي يحتاج في هذه المرحلة إلى ما هو أكثر من هذه المعادلة التي طبقها أسلافنا حتى أشع نور حضارتهم على الدنيا بأسرها". وأضاف أبو الغيط: "إن على مؤسساتنا التعليمية والثقافية والإعلامية واجباً ومسؤولية، عليها أن تعد شبابنا ليكون أهلاً للالتحاق بالثقافة الإنسانية المعاصرة، وعليها أيضاً أن تسلحه بالوعي والتكوين الذي يحفظ له ذاته ويربطه بأوطانه وثقافته المحلية وهويته العربية المميزة، وأطرح هنا ثلاث أفكار أراها جوهرية في أي مشروع للنهوض بالتعليم والارتقاء بوعي الشباب في العالم العربي، اتحدث عن ثقافة المبادرة، وثقافة العلم، وثقافة المواطنة". وعقب انتهاء الجلسة الأولى تفقد حاكم الشارقة أقسام وأجنحة الدوائر والمؤسسات والهيئات المشاركة في مؤتمر الاستثمار في المستقبل. وينظم مؤتمر الاستثمار في المستقبل مؤسسة القلب الكبير بالشراكة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وصندوق الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، ومؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة، وهيئة الأممالمتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (هيئة الأممالمتحدة للمرأة)، وقرى الأطفال SOS، تحت شعار، الشباب: تحدي الأزمات وفرص التنمية. ويبحث المؤتمر الذي يشارك فيه 60 متحدثاً وأكثر من 600 مسؤول وخبير وشاب، تحديات الشباب في مختلف أنحاء العالم وتحديداً في المناطق التي تعاني الأزمات والنزاعات والحروب والكوارث، ويؤكد على الأهمية الكبيرة لأشراكهم في التنمية من أجل حماية مستقبلهم، ومستقبل أوطانهم، وتجنيبهم الانسياق وراء مسارات تطرفية أو إجرامية نتيجة واقع وظروف أجبروا على معايشتها.