بشكل ظاهر أو مخفي، لا يمكن لحجاب بن نحيت إلا أن يكون عاملاً مؤثراً في تاريخ الشعر والأغنية السعودية، بوصفه أحد مؤسسي الخريطة الغنائية السعودية، التي أثرت بشكل كبير على الأجيال اللاحقة منه، بعد أن كانت أسطوانات «نجدي فون» تقدم أحدث أغنيات ابن نحيت في ذلك الوقت، حتى صار أيقونة للحنين إلى الماضي أو كما يعرف ب«نوستاليجيا» الفن الشعبي السعودي، أبكى برحيله أمس (الأحد) كبار محبيه وصغارهم. ولم تكن تجربة الشاعر القادم من الصحراء المولود في العام 1944، عادية بعد أن تناولت قصائد الفنان المتكامل العديد من المواضيع الاجتماعية والغزلية في ذلك الوقت، والتي حاول حجاب استخدام كل العوامل والمؤثرات الحديثة لكسب أكبر قاعدة جماهيرية حوله. يقول في الفترة التي بدأت تعليم البنات إلزاميا: «يا معلمة يا معلمة يا معلمة.. أعطيها دروس زيادة.. حتى تنال الشهادة»، إضافة إلى تعاونه مع الفنان الراحل طلال مداح بكتابه أغنية «تحاول تكسر الخاطر» التي غناها المداح وعبادي الجوهر، والتي قال فيها: «تحاول تكسر الخاطر.. تبينا نقول لك شاطر.. خلاص ابشر ولا يهمك.. كتبنا اسمك مع الشطار». «الفنان حجاب» كما يحب مقدمو «نجدي فون» ذكر اسمه قبل كل أغنية مسجلة له، والذي كثيراً ما تحفظ له ذاكرة الفن الشعبي العديد من الأغاني التي ألفها ولحنها وغناها، حققت له شهرة واسعة، يقول: «عودي علي بسرعةٍ تسبق البرق/ عودي ترى الفرقى تهدد حياتي... يا منيتي من بيض من سمر من زرق/ يا رغبتي يا غايتي يا غناتي... أمشي من الطائف على وجهه الشرق / أرجو التوجه بأسرع الطائراتي... صحيح من قال العذارى بهن فرق / الاسم واحد مير متخالفاتي». رحيل حجاب بن نحيت، الشاعر المعتزل عن الغناء منذ سبعينات القرن الماضي، والرجل الذي «طرق باب الهوى» بصوته الرخيم ذي الطبقات العالية، وغنى في الأم والحب وحتى العيادة، وكثيراً ما ردد خلفه الرعيل الأول: «ما أريد إلا سعودية، بالعباية مخفية»، حتى جرت به الأقدار بلا اختيار لتضع حدا لمسيرته الحافلة بالشعر والفن والتجارة والعمل الخيري أمس (الأحد) عن عمر ناهز ال76 عاماً. ونعاه العديد من الشعراء والمغردين ، إذ قال الشاعر سلطان العميمي «ترك أثراً وإرثاً أدبياً وفنياً في الساحة الخليجية، مدرسة من مدارس الأدب والتواضع والنبل والكرم». وعلق الناقد الرياضي والإعلامي مريح المريح ب«رحم الله الشيخ الفاضل، يكفي أنه كان سببا في العفو عن قصاص أكثر من 40 رقبة بتنازل أهل الدم».