تبدو كرة القدم رياضة منيعة على الفضائح الكبيرة للمنشطات التي هزت عالم رياضتي الدراجات وألعاب القوى، لكن الاستثمارات المالية التي تحيط باللعبة الأكثر شعبية في العالم تجعلها لعبة ذات مخاطر كبرى. وسيخضع جميع اللاعبين المشاركين في مونديال روسيا إلى فحوصات مخبرية للبول والدم قبل انطلاق العرس الكروي وخلال المنافسات، ويمكن للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن يدقق في معلومات مشبوهة في ما يتعلق بجوازات السفر البيولوجية (بحوث الدم والكيمياء الحيوية) في محاولة لمنع أي عملية غش. وردد «فيفا» كثيرا بأن كرة القدم هي الرياضة التي يخضع ممارسوها لأكبر عدد من الفحوصات حول العالم، مشيرا إلى إجراء 33 ألف فحص عام 2016 وكانت النتيجة ضئيلة جدا، إذ تم اكتشاف 150 حالة إيجابية فقط. ومع وجود إفادات طبية، فإن جميع هذه الحالات لا تؤدي بالضرورة إلى عقوبات. أما أبرز المواد المكتشفة هي الستيريود التي تستخدم لتقوية العضلات، والمواد المحفزة، إضافة إلى أدوية قوية مضادة للألم محظورة خلال المنافسات. لكن بالنسبة إلى اختصاصيي مكافحة المنشطات، فإن الإحصاءات لا تعطي سوى صورة غير مثالية للمنشطات في كرة القدم كما في سائر الرياضات الأخرى. ويقول مدير وكالة مكافحة المنشطات الفرنسية داميان ريسيو لوكالة «فرانس برس»: هناك مؤشرات كثيرة تشير إلى أن كرة القدم رياضة معرضة للخطر، وروزنامة مضغوطة، وبالتالي تقلص الفترات الزمنية لاسترداد العافية، وأصبحت الإصابات متكررة والمنافسة ضارية والاستثمارات المالية ضخمة، واللاعبون في حاجة ليكونوا في القمة دائما لاسيما في فترة الانتقالات. وأضاف: عام 2017 أجرينا 548 فحصا للبول والدم بينها ما كان مخصصا لجواز السفر (البيولوجية) فاكتشفنا 3 حالات غير طبيعية على الرغم من أن هذه الفحوصات جرت بطريقة ذكية خلال فترات الإعداد البدني القوي خلال الصيف على سبيل المثال أو خلال فترة الانتقالات الشتوية أو قبل الاستحقاقات الكبرى. وعن المعلومات التي جناها من الوسط، أجاب: يبدو «فيفا» فعالا خلال بطولاته، وكذلك الاتحاد الأوروبي في بطولتيه دوري الأبطال والدوري الأوروبي. من جهته، يقول المدير السابق لمختبر لوزان مارسيال سوغي المستشار العلمي ل«فيفا» لوكالة فرانس برس: إنه يتعين على وكالات مكافحة المنشطات مراقبة كرة القدم بشكل يومي في بلدانها، لكن هناك فوارق كبيرة في الفعالية بين مختلف هذه الوكالات حول العالم. متورطون مشاهير فضائح بالجملة لطالما رافقت فضائح المنشطات في عالم كرة القدم وليس فقط من خلال تناول مادتي كانابيس أو الكوكايين التي جعلت النجم الأرجنتيني دييغو مارادونا يسقط في وحولها في مرحلة أولى، قبل سقوطه مرة ثانية خلال تناوله مادة ايفيدرين المحظورة في نهائيات كأس العالم 1994، وكانت تلك آخر حالة منشطات تسجل في المونديال. وكادت هذه المادة تحول دون مشاركة قائد منتخب البيرو باولو غيريرو في نهائيات مونديال روسيا. وكانت دراسة في ألمانيا عام 2010، كشفت بأن تناول مادة ميتانفيتامين ساعد المانشافت في إحراز اللقب العالمي عام 1954 في المباراة النهائية ضد المجر، التي وصفت بأنها «معجزة برن». ثم كشف القيصر الألماني فرانتس بكنباور لمجلة «شتيرن» الألمانية عام 1977 وجود عمليات نقل دم، وهو أمر ممنوع حاليا لكن من الصعب كشفه. ثم جاءت قضية يوفنتوس وطبيب النادي الذي كشف لجوءه إلى أدوية عدة استعملها بطريقة ملتوية أمثال نيوتون. ويؤكد الطبيب المختص في مسائل المنشطات جيرار دين أن كرة القدم تتطلب قوة التحمل، والكثير من المقاومة، وبالتالي فهي رياضة مهمة في ما يتعلق بالمنشطات. وأوقف الدولي الفرنسي السابق سمير نصري أخيرا ل6 أشهر من قبل الاتحاد الأوروبي (ويفا) لأنه تناول فيتامينات تخطت المعدل المسموح به، ولم يخضع اللاعب لفحص المنشطات بل أوقف بسبب قيامه بوضع صورة له على مواقع التواصل الاجتماعي تظهره في عيادة أمريكية يقوم بذلك. وبالنسبة إلى العديد من الاختصاصيين في مجال مكافحة المنشطات، فإنه يجب التنبه تحديدا خلال فترة استعادة اللياقة البدنية بعد الإصابات. وفي المجمل، ثمة وجود لمناطق رمادية عندما يتعلق الأمر بالمنشطات، وذلك ينطبق على جميع الرياضات وليس كرة القدم فحسب.