وصية خارج مواثيق التوريث وأمانة ملقاة على عاتقه وفي قلبه، أخرجت وللمرة الأولى منذ عقود عملاق الكوميديا ناصر القصبي عن خطه المألوف، إكراماً لنضال الوابلي ووفاء لشخصه وقيمته، سيتوارى عن الفترة الذهبية ويظهر للمرة الأولى بثوب تراجيدي فضفاض، وقد أمضى ربع قرن من الحضور الناقد الساخر الذي غازل عبره الضحك في قلوب المشاهدين، وسرقهم خلاله الهموم والرتابة والصمت في أحايين كثيرة. سيغيب «سيلفي» الذي ظل الأكثر مشاهدة لأعوام ثلاثة، وتربع على عرش السيادة الدرامية، سيترك للمنافسين فرصة لن تتكرر لتقديم أعمالهم دون أن تعمّر جماهيرية القصبي عليهم، أو يظلمهم بريقه الساطع المهيمن لسنوات على سماوات البرامج الرمضانية، وسيضع القصبي أخيراً أكاليل ورود العاصوف بين شاهدي قبر رفيقه الوابلي مؤدياً أمانته إليه. وفيما كان عشاقه ينتظرون تعليقه بشأن حلقة الغد الكوميدية كعادته الموسمية، فاجأهم بتغريدة غارقة في الذكرى والوفاء والتراجيديا، وهو يستذكر نضال رفيق نجاحاته الراحل عبد الرحمن الوابلي في سبر أغوار المواجهات الشرسة مع أطياف لا تقبل الاختلاف ولا تتعاطى مع النقد وتنحاز إلى ممانعة كل طرح، تزامناً مع عرض مسلسل «العاصوف»، الذي كتبه قبل أن يرحل ويلقي من خلالها الضوء على حقبة ما قبل الصحوة وبداياتها، والذي يرجح أن يغير الكثير من المفاهيم لدى كثيرين ممن لم يعيشوا تلك الفترة، ويغري نقاش آخرين حول واحدة من الفترات التي أثرت على نمط الحياة السعودية. غرد القصبي «غداً العاصوف، أشعر بمرارة الفقد في الصديق الراحل الدكتور عبدالرحمن الوابلي، كان في اجتماعاتنا في بيتي في الرياض أو دبي متطلعا ومتلهفا لهذا اليوم ولكنه رحل لرب كريم، ما زلت في وجداني يا أبا جهاد وستظل في وجدان السعوديين محفوراً اسمك بماء الذهب، نم قرير العين يا صديقي.. سأكمل المشوار». القصبي الذي أراد أن يتفرغ بالكامل لعمله الجديد، ارتدى نظارة التأمل الذكية متعددة الأبعاد، وانزوى في آخر قاعات المشاهدة ليراقب المشهد وردات الفعل، وسيكون بدءا من اليوم على موعد مع مواجهات ساخنة وعلى عدة جبهات.