منذ بداياتنا كصيادلة سعوديين أخذنا على عاتقنا (أثناء عملنا في المستشفيات) منع الصيادلة مندوبي الدعاية التابعين لشركات ووكلاء الأدوية من الوصول للأطباء منفردين، لأننا كنا نعلم أنهم كمندوبي دعاية وتسويق يعطون الأطباء معلومات مغلوطة عن الدواء فيذكرون إيجابياته دون ذكر أعراضه الجانبية وتفاعلاته مع الأدوية الأخرى وتعارضه مع بعض الأمراض والأعراض كقصور وظائف الكبد أو الكلى، وموانع استخدامه لدى بعض المرضى. كنا نفرض على المندوب المرور على الصيدلية أولا ومرافقة صيدلي من صيدلية المستشفى لحضور المقابلة وكشف ما قد يخفيه مندوب الدعاية!. عندما اعترضت في مقال الثلاثاء الماضي في هذه الصحيفة على ادعاء طبيب جلدية لبرنامج إذاعي أن حقن البوتكس ليست لها أضرار جانبية إطلاقا، وهي بالتأكيد معلومة خاطئة وخادعة للعامة، فثمة تفاعلات وأعراض جانبية بعضها خطير لحقن البوتكس، اعترض قلة من المستفيدين من هذه التقنية عبر وسائل التواصل مدعين سلامتها، وطالبين دليلا على ضررها، وهو طلب غريب (إن صح أنهم أطباء أو حملة دكتوراه) فمجرد دخول أي موقع مكتبة علمية والبحث عن أوراق علمية عن الأعراض الجانبية للبوتكس سيرشدك إلى مئات الأوراق والأبحاث المنشورة عن آثاره الجانبية، ومن الكسل أو الإنكار والتعصب للرأي أن يدعي شخص أنها خالية تماما من أي أعراض جانبية وتفاعلات ضارة دون أن يبحث هو عن حقيقتها بتجرد عن الانتفاع من الدعاية لها!، وهذا من مستجدات العمل غير المهني التي طرأت على الطب بعد دخول وسخ المال إليه!. أمر آخر غريب جدا وصادم، وهو أنني حينما شبهت إنكار المنتفعين من تجارة البوتكس لأضراره بإنكار شركات التبغ لأضراره رغم الوفيات بأمراض القلب والسرطان بسبب التدخين، خرج أطباء بمعرفاتهم في (تويتر) يقولون كيف تدعي أن شركات التبغ أنكرت أضراره وهم يضعون التحذير على علب السجائر؟!، وهو سؤال ينذر بجهل أو تجاهل وكلاهما خطير، فهل وصل حد الجهل بهم أن لا يعلموا أن العبارات التحذيرية مفروضة على صناع السجائر من منظمة الصحة العالمية ومن السلطات الصحية في البلدان التي تمنع دخوله دون عبارات تحذير؟!، وهل وصل بهم (وهم أطباء) الجهل بأن شركات التبغ كانت وما زالت تمول حملات لإنكار أضرار وإدمان التدخين؟!. إن كان جهلا منهم فمن قلة وعي وضعف مخرجات، وإن كان تجاهلا فمن قلة عقل، فحري بالطبيب أن يكون أكثر وعيا من أن يجهل أن التحذير على علب السجائر مفروض على شركات التبغ، وأكثر عقلا من أن يتجاهله لمجرد التعصب لرأيه.