استبشر كثير من منسوبي التدريب التقني بتصريح وزير التعليم أثناء تدشينه هوية المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الجديدة، حينما قال: «المشروع المعلن عنه سابقاً لدمج الكليات التقنية مع الجامعات وإنشاء جامعات تطبيقية، لا يزال تحت الدراسة وسيرفع قريباً إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية للنظر فيه»، أدخل ذلك التصريح السرور في نفوس كثير من منسوبي التدريب التقني، الذين يحلمون بهذه الفرصة، خاصة وتقلبات المؤسسة الكثيرة وعدم ثباتها على خطط واضحة أربك الكثيرين منهم، علما أنه سبق أن ناقش مجلس الشورى أواخر 2017 أداء المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني واتهمها العضو الدكتور منصور الكريديس أنها تعمل بعيدا عن الواقع، وتساءلت وقتها الدكتورة فردوس الصالح عن أعداد خريجي المؤسسة العاملين في نفس تخصصهم، بل وصرحت العضو الدكتورة سامية بخاري أن بطالة خريجي المؤسسة الحالية لا تشجع على الانضمام لكلياتها رغم سعيها إلى مزيد من القبول. وضم الكليات التقنية للجامعات فيه فوائد كثيرة لمخرجات التدريب التقني، وتنظيم لها بشكل لا يتداخل مع ما تقوم به الجامعات، ومعروف أن أكثر من 30% من خريجي الكليات التقنية من تخصصات إدارية تدرسها الجامعات كالإدارة والتسويق والمحاسبة، إضافة لتخصص الحاسب الآلي الذي تدرسه كل الجامعات السعودية، والحاجة لمرحلة الدبلوم تكاد تكون معدومة الآن خاصة وكل خريجي الحاسب في المؤسسة يدرسون الآن للحصول على البكالوريوس. ولو استعرضنا عدد متدربي المؤسسة في الكليات التقنية لعام 1437 لوجدناه في 52 كلية بنين (115045 متدربا) و35 كلية للبنات (19968 متدربة) والعدد الإجمالي 135013 متدربا ومتدربة، وعدد الخريجين 19967 متدربا ومتدربة، ولو تم استبعاد متدربي المواد النظرية كالإدارة والتسويق والمحاسبة التي تدرسها كل الجامعات، وأيضا تم إيقاف برنامج الدبلوم في الحاسب الآلي، لقل العدد بشكل كبير جدا يتخطى 50-60%، وهو ما يتوافق أيضا مع توجه المؤسسة في رفع مؤهلات خريجيها في مرحلة الدبلوم إلى البكالوريوس، حيث تدرس 8 كليات البكالوريوس ورغم أن المتقدمين بلغ عددهم 6031 خريجا من الدبلوم إلا أنه لم يتم قبول إلا 822 متدربا فقط، بنسبة لا تتجاوز 9%، وهذا يؤكد أن الحاجة الآن لحملة شهادات البكالوريس فأعلى، وأن إقرار الدبلوم قبل أكثر من 30 سنة كان لأن خريجي البكالوريوس في الجامعات وقتها يتم توظيفهم في الدولة، ومعها تم إقرار مرحلة الدبلوم لتغذية القطاع الخاص بالوظائف التي يحتاجها. ويحتاج تصريح وزير التعليم إلى دراسات مسحية لواقع التخصصات التي تدرب عليها المؤسسة، ومواءمتها لحاجة سوق العمل في الوقت الحالي، ومتابعة للخريجين وهل مارسوا العمل في المهن التي تدربوا عليها، وربما لو تم الاقتصار على التخصصات التقنية والمهنية كالميكانيكا والكهرباء والإلكترونيات وبعض التخصصات النسائية كالتجميل والخياطة، وما يأخذ في طابعه الجانب العملي التطبيقي وليس النظري لكان أجدى، وربما لو ركزت المؤسسة على هذه المجالات التطبيقية ووظفت قدراتها ومدربيها ودراستها لهذا الأمر لحسنت من مخرجاتها، وليس كما وصفها أحد أعضاء مجلس الشورى «بعضهم لا يستطيع تغيير لمبة محروقة»، وهو ما سيضفيه ضم الكليات التقنية للجامعات، بتوحيد القبول في تخصصات معينة تشبع منها السوق ورفعها لدرجة البكالوريوس في ظل عدم الحاجة لخريجي الدبلوم، وتخصص المؤسسة في الجانب التطبيقي العملي الذي يحتاج لورش وليس قاعات محاضرات نظرية!