تتضاءل الفرص أمام أعضاء الكونغرس المنقسمين بشكل حاد للاتفاق على مواضيع شائكة مثل الهجرة والإنفاق الفدرالي فيما هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب برفض أي مقترح حول الهجرة لا يتوافق مع مطالبه. وقبل أيام من شلل حكومي محتمل الخميس في حال عدم التوصل لاتفاق حول الإنفاق، ترخي أزمة حول الهجرة بظلالها على المفاوضات على جبهات عدة. فقد تعهد ترمب خلال خطابه عن حال الاتحاد الأسبوع الماضي "مد اليد" للطرفين في إيجاد اتفاق حول الهجرة يحمي 1,8 مليون مهاجر لا يحملون وثائق رسمية من الترحيل مقابل فرض قيود على الهجرة القانونية. لكن الديموقراطيين هاجموا مقترحه بعنف. ووجه ترمب بسرعة أصابع الاتهام إلى معارضة يحملها مسؤولية رفض المساعدة في إيجاد بديل لبرنامج "الإجراء المؤجل للواصلين في سن الطفولة" والمعروف اختصارا "داكا" قبل مهلة تنتهي في مارس. ويسمح البرنامج لمهاجرين أتوا أطفالا بطريقة غير شرعية إلى الولاياتالمتحدة بالعمل والدراسة فيها بطريقة قانونية. وغرّد ترمب "أي اتفاق حول داكا لا يتضمن تدابير أمنية حدودية قوية، والجدار الضروري سيكون مضيعة تامة للوقت" في إشارة إلى الجدار الذي يسعى منذ فترة طويلة لبنائه على الحدود الأمريكية مع المكسيك. وأضاف "الخامس من مارس يقترب بسرعة والديموقراطيون على ما يبدو لا يكترثون لداكا. توصلوا لاتفاق". ويشهد الكونغرس أيضا جدلا حول سقف الإنفاق المخصص لبرامج داخلية وللجيش، فيما يسعى أعضاء المجلس للتوصل إلى اتفاق حول ميزانية للفترة المتبقية من 2018. وأقر القادة الجمهوريون والديموقراطيون بأنهم لن يتوصلوا لاتفاق قبل انتهاء مهلة الخميس، ويتعين عليهم تمرير إجراءات مؤقتة لتجنب شلل حكومي آخر. ويشعر أعضاء الكونغرس بالاستياء بعد شلل حكومي محرج استمر ثلاثة أيام في يناير الماضي، عندما رفض الديموقراطيون دعم تدابير انفاق لا تعالج مشكلة "الحالمين" وهم مئات آلاف المهاجرين الذين دخلوا إلى الولاياتالمتحدة بطريقة غير مشروعة عندما كانوا أطفالا قاصرين. وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل انه لا يتوقع في هذه المرة تكرارا للشلل الحكومي الذي تبادل فيه المعسكران الاتهام. وقال عضو مجلس الكونغرس عن كنتاكي "لا أحد يريد معاودة الكرة". وفي تعقيد للبرنامج التشريعي حذر وزير الخزانة ستيفن منوتشين الكونغرس من أن الخزانة ليس لديها سوى ما يكفي لتسديد فواتيرها حتى 28 شباط/فبراير، دون بلوغ سقف الدين وتطبيق إجراءاتها الاستثنائية لمواصلة الدفعات. وقال مكتب الموازنة في الكونغرس أن الموعد أبكر من المتوقع لان الاقتطاعات الضريبية العام الماضي البالغة 1,5 مليار دولار ينجم عنها عائدات فدرالية اقل. وجدول الأعمال الكثيف تهدده أيضا خلافات حزبية بشأن مذكرة جمهورية رفع عنها ترمب السرية الجمعة. في رسالة إلى الرئيس حذر كبار الديموقراطيين منهم عضو الكونغرس آدم شيف من "أزمة دستورية" في حال استخدم المذكرة ذريعة لإقالة المحقق الخاص الذي يرأس تحقيقات في تواطؤ محتمل بين حملة ترمب الانتخابية وموسكو. ورد ترمب واصفا شيف بأنه "أحد أكبر الكاذبين والمسربين في واشنطن". وسط هذا المشهد المتشائم يستعد أعضاء الكونغرس لنزاع من العيار الثقيل حول الهجرة. في سبتمبر الماضي قرر ترمب إنهاء برنامج "داكا" مما يعني أن المستفيدين منه أي "الحالمون" يمكن أن يواجهوا الترحيل في حال عدم تحرك الكونغرس. وكشف ترمب الأسبوع الماضي عن اقتراح يضع الديموقراطيين في موقف حرج، إذ يطرح وضع 1,8 مليون مهاجر بينهم حوالى 700 ألف من "الحالمين" على سكة التجنيس، وهو ما يشكل أهم أولويات المعارضة. غير أن اقتراحه يقضي في المقابل بتشديد التدابير الأمنية على الحدود بما في ذلك تخصيص 25 مليار دولار لبناء الجدار الذي وعد ببنائه الحدود مع المكسيك ووضع حد لبرنامج اليانصيب السنوي لتوزيع إقامات في الولاياتالمتحدة والحد من لم شمل العائلات بشكل يعطي الأولوية لأقرباء مواطنين أميركيين يهاجرون إلى الولاياتالمتحدة. وفي مسعى من الحزبين لحلحلة الأزمة اعلن السناتور الجمهوري جون ماكين والديموقراطي كريس كونز خطة تعرض مسارا للجنسية للحالمين وتعزز الأمن الحدودي في نفس الوقت، لكنها لا تتصدى لمسألة لم شمل العائلات أو يانصيب الإقامات. وقلل البيت الأبيض من أهمية الخطة التي لا تتضمن بالتحديد تمويلا لجدار حدودي إذ قال مدير الشؤون التشريعية مارك شورت للصحافيين إنها "غير كافية" للحصول على دعم ترمب. ويقول الديموقراطيون أن هذه الخطة ترقى إلى احتجاز الحالمين "رهائن" لقاء سياسات معادية للهجرة. غير أن السناتور الجمهوري جون كورنين اتهم في البدء الديموقراطيين بالتفاوض بسوء نية. وقال "نريد التوصل لحل يمكن أن يصبح قانونا وحتى الأن لم نجد شريكا راغبا بين زملائنا الديموقراطيين". وحذر ترمب الديموقراطيين من عرقلة مقترحه. وقال الأسبوع الماضي "إما أن يكون لدينا شيئا عادلا ومنصفا وجيدا وآمنا، أو لا شيء البتة". وكان النواب الجمهوريون يستعدون لاجتماع في ساعة متأخرة الاثنين لمناقشة كيفية المضي قدما، بحسب مساعدين. غير أن ديموقراطيين متحديين حذروا من خطة يروج لها رئيس مجلس النواب بول راين، من شأنها تأمين الإنفاق الحكومي بشكل مؤقت لكن تمول الإنفاق العسكري حتى نهاية العام، كطريقة لحشد التأييد من تكتله المتصدع ومنهم محافظون يعارضون تسويات حول الهجرة. وقال السناتور الديموقراطي البارز تشاك شومر مثل هذه الخطة تشبه "الاندفاع نحو حائط مسدود".