بالأمس شعرت كما شعر كثيرون غيري، وكأن المملكة قد أطلقت رصاصة الرحمة على الفساد، بعد أن أمر خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد وملاحقة المتطاولين على المال العام برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي كان حذر قبل ستة أشهر في لقاء متلفز إلى أن لا أحد سينجو من مقصلة الفساد أياً كان أميراً أو وزيراً. والواقع أن هذا الحدث سيحفر له مكاناً في ذاكرة السعوديين، كما أن ما كان قبل هذا الحدث مختلف تماماً عن ما سيجري بعد إعلانه. كنا نهمس في المجالس ونسمع الإشاعات التي يتناقلها الناس عن تعثر بعض المشاريع أو سوء تنفيذها، وما يترتب على ذلك من أخطار وأضرار على الوطن والمواطن، لكننا نصمت لا نلوي على شيء بعد أن ينفض سامر الجلسة ويكون الناس قد نفسوا عن أنفسهم من خلال ما يعرف ب «قعدات الحش»، لكننا بعد ليلة «السبت الأسود» للمتورطين في شبهات أو وقائع فساد صرنا أكثر جرأة وطمعاً وتطلعاً لنجهر مع مليكنا سلمان الذي طالب بحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة بقضايا الفساد العام والتحقيق وإصدار أوامر القبض والمنع من السفر وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص أو الكيانات أياً كانت صفتها، كما أن للجنة الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب الأحوال. لقد صار من حقنا أن نفرح وأن نستبشر ونتفاءل بأن يجتث الفساد الذي تجذر داخل النفوس الضعيفة، فأضعف الناتج المحلي على كافة الأصعدة سواء من حيث بطء أو رداءة التنفيذ أو من حيث الهدر وإضعاف الميزانية أو من حيث انتشار سلوك اللامبالاة في ما يخص مشاريع الدولة، واعتبارها من «حلال الدولة» والذي يكرس ضعف الولاء وعدم الاكتراث بما يحدث. إذاً لا جديد سوى أننا في وطن شجاع، يقوده ملك شجاع يمارس حزمه وعزمه في الداخل والخارج، ويحمي هذا الوطن من كل من لا يريد خيراً بهذا الوطن، فلله الحمد من قبل وبعد.