فجأة ظهر على السطح مصطلح مكتب التوعية، وأصبح حديث الكثير ممن استدعى فضوله غموض المكتب والعاملات فيه والتجاوزات القانونية التي ظهرت من ضحاياه، وثارت أسئلة بسيطة حول مشروعيته والسند القانوني الذي على أساسه تم تأسيسه، والسماح للعاملات فيه بانتهاك أحكام أنظمة أصدرتها الدولة تحمي خصوصية الإنسان وتجرم انتهاكها إلا وفق الإجراءات القانونية، التي نص عليها نظام الإجراءات الجزائية، إلا أن السؤال الأكثر غموضا كيف سمحت قيادات الجامعة لهذا المكتب بممارسة أعمال تدخل في نطاق التجريم، دون أن يتدخلوا أو أن يحيلوا أعضاءه إلى الجهات القانونية والقضائية، تورطت العاملات في المكتب وباعتراف رسمي بث على الهواء من قبل إحدى منسوبات الجامعة بأعمال التجسس وانتهاك خصوصية الطالبات بتفتيش أجهزة الجوال الخاصة بهن لمجرد أن رأت إحدى عضوات المكتب أن لون تنورة الطالبة مخالف، دون أن تكون هناك رابطة منطقية أو عقلية بين لون التنورة وما بداخل جوال الفتاة، ودون أن يملكن السلطة لممارسة هذا الإجراء الخطير، إذ إن التفتيش له أحكام واردة في نظام الإجراءات الجزائية، ولا يكون إلا بالإذن المسبب من قبل المحقق، ومن يقوم بالتفتيش هي إحدى جهات الضبط الجنائي الواردة في ذات النظام والتي ليس منها مكتب التوعية في جامعة الإمام، وعليه فإن عضوات المكتب مارسن اغتصاب السلطة، وتورطن بجريمة تجسس وانتهاك الحياة الخاصة والتي تجرمها الأنظمة السارية في الدولة، وكل مسؤول علم بهذه الجريمة ولم يتحرك وفق سلطته لوقفها وتقديم المتورطات للعدالة فهو شريك فيها وشريك في انتهاك القانون، ولا يمكن أن يبرر ذلك السكوت إلا بالرضا عن أعمال محتسبات مكتب التوعية الذي كان سببا في ضياع مستقبل العشرات من الطالبات لا لشيء إلا لأنهن رفضن أن تنتهك خصوصيتهن خارج القانون، فكانت عقوبتهن رميهن خارج أسوار تلك الجامعة التي دب إلى مفاصلها الهرم، ولم تستطع قياداتها أن تجددها لتلحق بركب الدولة الجديدة التي تتطهر من البيروقراطية وأوهام الماضي، من حق هذه الجامعة ومنسوبيها وطلابها وطالباتها أن يكون لها قيادات شابة تدير هذا الصرح برؤية هذه الدولة الشابة التي تتشكل على مبادئ وقيم جديدة، فلا يمكن لصرح بحجم هذه الجامعة أن يدار بعقلية الأمس وروح الأمس ورؤية الأمس، لأن الأمس قد ولى بفجر مازلنا نتحسس أنواره.