ما أشبه اليوم بالبارحة.. إن اللحظة التاريخية التي امتدت نحو ثلاثين عاماً، وبدأت منذ دخول المؤسس الملك عبدالعزيز الرياض في 5 شوال 1319ه -الموافق 15 يناير 1902م، مع صيحات الفرح من أهلها بالحاكم الجديد، وحتى توحيد الدولة الواحدة تحت راية المملكة العربية السعودية عام 1351ه الموافق 1932م. تكاد هذه اللحظة أن تستعيد نفسها مع الفارق أن العدو الداخلي الذي تمثل في الشتات والجهل والفقر والمرض، وواجهه المؤسس ورجاله بضراوة لإنقاذ أبناء هذا الوطن، يتجسد اليوم في العدو الخارجي الذي يحاول النيل، مرة أخرى، من تماسك بنيان هذه الأمة.. إلا أن صيحات الفرح التي ملأت أرجاء الرياض تهليلاً وتبريكاً بالخلاص من الظلم والتخلف على يدي المؤسس نسمع أصداءها في هذه الأيام في الامتزاج بين القيادة والشعب الذي سيظل هو الدرع الذي يقي وطننا الغالي من مؤامرات دنيئة وخسيسة، هي في الحقيقة ضئيلة بقدر ضآلة من ورائها! ولا شك أن التاريخ سيقف طويلاً أمام اللحظة الآنية، وسوف يسجل بحروف من نور مواقف القيادة في الذود عن الوطن، وحمايته من أطماع المتآمرين واتباعهم من الذيول التي تحاول أن تلعب دوراً لا يتناسب مع حجمها، ولكن يغيب عن هؤلاء المغيبين أن المملكة أرضاً اصطفاها المولى عز وجل أن تكون مركز العالم الإسلامي، وقبلة المسلمين، وراية الإسلام التي تظل خفاقة إلى ما شاء الله. وشعبها في الأصالة لا يُضاهيه شعب، فهو أصل العرب، ومنبع العروبة، وعزها ومجدها. وإذا كنا هذه الأيام في حضرة أمجاد اليوم الوطني، فإننا بالضرورة نستشعر أهمية الحفاظ على هذا الوطن الغالي والعمل على حماية منجزاته ليبقى هذا الوطن قوياً شامخاً بقيادته الرشيدة وأبنائه الأوفياء، وذلك ليس من أجل الجيل الحالي ولكن للأجيال القادمة، حيث إن المملكة أكبر من أن تكون مجرد دولة ولكنها أرض الدين الحنيف، ومهبط الوحي الكريم، وتاريخ وتراث، وقوة كبرى تشكل أكبر اقتصاد عالمي في الوقت الحاضر، وواحدة من أهم وأكبر دول العالم تحضراً ونماءً ورخاءً.