فرنسا من أكثر دول العالم قلقا من تداعيات قتال تنظيم «داعش» في الشرق الأوسط، وإذا كان غبار معركة الموصل بين القوات العراقية والتنظيم بعيدا عن سماء باريس، إلا أن صدى القتال يصل إلى هناك بكل تأكيد. وقد لوحظ اهتمام باريس الحاد بإستراتيجية قتال «داعش» من خلال إرسال حاملة الطائرات شارل ديغول إلى المنطقة وتأكيد الرئيس هولاند مشاركة قواته البرية والبحرية في معركة الموصل، فضلا عن الطلعات الجوية المكثفة في العراق تحت مظلة التحالف الدولي. فماهي أبعاد وأسباب الجدية الفرنسية في قتال «داعش» والتي تتجاوز في كثير من الأحيان الموقف الأمريكي من «داعش»..! بدأت المواجهة العلنية بين «داعش» وباريس في نوفمبر العام 2015 حين ارتكب التنظيم مجازر متنقلة في أكثر من موقع راح ضحيتها 129 شخصا، وعلى أثرها أعلنت باريس وللمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية حالة الطوارئ، استمرت هذه المواجهات بشكل متقطع إلى أغسطس الماضي حين أصدر تنظيم «داعش» الإرهابي فيديو جديدا يتوعد فيه أوروبا بهجمات دامية ويدعو إلى حرق فرنسا، هذه التهديدات جاءت بعد تفكيك أجهزة الأمن الفرنسية العديد من خلال التنظيم. وقد أجمعت كل التحقيقات الأولية أن منفذي هذه العمليات من المقاتلين في سورية والعراق ومنهم مازال على تواصل مع مركز الإرهابيين في الرقة والموصل، لذا تخشى فرنسا بالدرجة الأولى من عودة مقاتلي «داعش» من حملة الجنسية الفرنسية إلى بلادهم في أوروبا، وهذا يشكل عبئا أمنيا هائلا على باريس، خصوصا أن حجم الخلايا النائمة في باريس يعتبر قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت، كون فرنسا مركز استقطاب الجهاديين في أوروبا بسبب تنامي قوة التيار المغاربي في «داعش»، وقد أصيبت باريس بعدة هجمات دامية في العامين الماضيين نفذها التنظيم في قلب العاصمة، وهو ما دفعها أن تكون رأس حربة في قتال «داعش» أينما كانت، حتى هجمات بلجيكا الأخيرة في مطار بروكسل في مايو الماضي، كان التخطيط والإعداد لها بالتعاون مع خلايا نائمة في باريس. هذه الأسباب كافية لباريس أن تدعو لإستراتيجية متكاملة تضمن نهاية التنظيم في مواقعه وأن أية عملية انفلات للتيار الجهادي المغاربي من سورية والعراق ستدفع ثمنه باريس لاحقا إن لم يكن على مستوى العمليات الإرهابية فقد يكون على مستوى تنشيط الخلايا النائمة. وقد نجحت باريس في دفع الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى الإعلان عن موقف واضح من موضوع استكمال محاربة تنظيم داعش وتحرير مدينة الموصل. وقد قال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر، بعد انتهاء اجتماع وزراء الدفاع في 13 بلدا منخرطا في التحالف الدولي إن معركة الموصل لن تكون معزولة عن معركة الرقة بل إن «تداخلا» سيقوم بين المعركتين.