وليد ابو مرشد أقرت هيئة مكافحة الفساد "نزاهة"، مشروعا لمراقبة المشاريع الحكومية إلكترونياً بالاشتراك مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وكشف محمد الشريف رئيس "نزاهة" خلال افتتاحه أمس ندوة: "واقع الفساد الإداري في السعودية" بأن الهيئة تقدمت خطوات كبيرة لإنهاء المشروع، قائلاً: "كلما قللت الإجراءات اليدوية وحولت إلكترونياً قلت محاولات الفساد، والآن المهمة في يد هيئة الاتصالات في متابعة إنهاء المشروع بشكل كامل بعد أن خرج من الهيئة". وفي الوقت الذي أكد فيه رئيس هيئة مكافحة الفساد أن هناك تقصيرا وإهمالا مقصودا من الممارسين والمنفذين في جهات حكومية تجنبوا متابعة ومراقبة الخدمات والمشاريع التي تنفذ لصالحها، معتبراً هذا التصرف يندرج بأنه إهمال كبير وفساد بحد ذاته، قال ل "الاقتصادية" نائبه الدكتور أسامة الربيعة إنه يتفق مع ورقة بحثية أكدت أن حجم الفساد في السعودية أقل من المتوقع، مشددا على أن الدراسة التي قام بها صاحب البحث واقعية ومثلت العينة التي استطلع رأيها من خلالها. وعن حجم استرداد "نزاهة" من أموال مسلوبة، أوضح الربيعة أنه لا يمكن أن يجيب عن حجم ما استردته الهيئة من أموال من المفسدين، حيث إن عمل الهيئة مشترك مع جهات أخرى، ولا يمكن إحصاء حجم المسترد من الاختلاسات المالية، مبيناً أن الهيئة ليس من اختصاصاتها أصلاً استرداد الأموال بقدر جمع الأدلة والمستندات التي تقدمها لجهات التحقيق، بحيث يتم تقدير حجم الأموال من تلك الجهات التي تحكم ضد المختلسين وتوقع العقوبات عليهم. ولفت الربيعة إلى أن الهيئة تركز حالياً على متابعة التقارير الإعلامية المنشورة عبر الصحف باستمرار، مؤكداً أن الهيئة لا تنساها وترفع بها للجهات المعنية، مشيراً إلى أن الهيئة باشرت العديد من قضايا الفساد، بمعدل جيد خلال سنتين من إنشاء الهيئة من خلال ما ينشر عبر الصحف. وأجمعت وزارات الدولة في اجتماعها عبر ندوة واقع الفساد الإداري في السعودية التي أقيمت أمس في معهد الإدارة العامة، على أن الأوضاع الاقتصادية وتعطيل الإجراءات الخاصة بالخدمات المقدمة للمواطنين من قبل الجهات الحكومية سبب تفشي الفساد الإداري، مطالبين الوزارات بأن تبسط الإجراءات الإدارية لديها فيما يخدم المواطنين، مشيرين إلى أن مشكلة الفساد الإداري خلقت سمعة سيئة للسعودية لدى المنظمات الدولية. وأثارت ورقة الدكتور عبد الله الوقداني مدير الإدارة العامة للبرامج الإدارية في معهد الإدارة العامة بعنوان: "واقع الفساد الإداري في الأجهزة الحكومية في السعودية وجهود التغلب عليه"، حفيظة الحضور والمشاركين في الندوة، وذلك بعد أن توصلت دراسته إلى أن معدل انتشار الفساد الإداري في الأجهزة الحكومية أقل من المتوسط. وانتقد المشاركون في الندوة الأسلوب الذي تم فيه أخذ عينة البحث للدراسة التي اقتصرت على 4123 موظفا حكوميا فقط من كل الأجهزة في الدولة، في حين أن موظفي الحكومة تجاوزوا المليون موظف. وأكد الوقداني في ورقته أن عينة البحث المشاركة في الاستبيان أشادت بأخلاقيات العمل الموجودة لدى الموظفين الحكوميين، وبمدى معرفتهم بالمتابعة والإجراءات الإدارية، وبأخلاقيات العمل ووعيهم بأضرار الفساد، مبيناً أن 2.2 في المائة فقط من المشاركين في الاستبانة جزموا بانتشار الفساد لدى أجهزتهم، في حين شكلت النسب الكبرى التي أيدت أن عدم التزام الموظف الحكومي بالدوام يعد نوعا من الفساد بنسبة 81 في المائة. وانتقد يوسف المبارك عضو مجلس إدارة جمعية سعفة القدوة الحسنة الخيرية ورقة الوقداني التي قدمها، مؤكداً أن الفساد في السعودية مستشرٍ، وأن عينة البحث ضعيفة قياساً إلى أعداد الموظفين الحكوميين لدى الدولة. وقد يكون المشاركون فيها لا يعون معنى الفساد، مضيفاً: "البحث يتناقض مع الواقع ويتناقض مع ما ينشر في الصحف المحلية، ولو صدق هذا البحث بأن معدل انتشار الفساد الإداري في الأجهزة الحكومية أقل من المنتصف، لما جاءت السعودية في مرتبة منخفضة لدى منظمة الشفافية الدولية بواقع 44 من أصل 100 في عام 2012، حيث إن هذا المؤشر لا يتفق مع البحث الذي قدم وأشير فيه إلى أن نسبة الفساد أقل من المتوقع، ويرجع هذا لقلة المعلومات التي استخدمت في البحث". واعترف عبد العزيز الشليل مدير عام الشؤون المالية في وزارة الثقافة والإعلام عبر ورقته، بأن القنوات الرسمية السعودية ال 14، إضافة إلى أربع إذاعات في كل من الرياضوجدة، جميعها لديها حيز حرية منخفض مقارنة بوسائل الإعلام الخاصة، مبيناً أن حرية تلك القنوات المحدودة يجب ألا يكون مبرراً في عدم تسليط الضوء بكل مصداقية وشفافية على كل ما له علاقة بالفساد الإداري في السعودية. وبين الشليل أن الصحافة السعودية تعتبر مؤسسات مستقلة من حيث التنظيم والإدارة، ولا تتم ممارسة أي رقابة استباقية عليها من قبل الوزارة، وينحصر دور الوزارة في متابعة ومراقبة الصحف عن بعد، وتزويد الصحف بأي تعليمات تخص الأحداث وما يجب التركيز عليه. وكشف الشليل في ختام ورقته عن محاولات الأجهزة الحكومية منع وسائل الإعلام بمختلفها التقليدي والحديث من أن تؤدي رسالتها ومهامها، عبر تهميشها لضمان عدم قيامها بدورها في مكافحة الفساد أو الحديث عنه. واشتكت هيئة الرقابة والتحقيق عبر ورقتها التي قدمتها من عدم تمكين بعض الأجهزة الحكومية من أن تؤدي أجهزة الرقابة دورها واختصاصها بدعوى السرية، أو عدم فهم مهام واختصاصات أجهزة الرقابة المركزية، إضافة إلى إعفاء بعض المحكومين المدانين بالاختلاس والتفريط في المال العام من إعادة المبالغ لخزانة الدولة، ومن إيقاف عقوبة السجن المقضي بها على بعضهم. وحذرت الورقة من تعدد اللجان المكلفة بالفصل في بعض قضايا الفساد وعدم استقلاليتها عن إشراف الجهات التنفيذية، الأمر الذي يستدعي المسارعة في نقل اختصاصات تلك اللجان لمرفق القضاء وإنشاء محاكم متخصصة لذلك. وبينت الورقة في الإطار ذاته أن تعاون المواطنين والمقيمين في الإبلاغ عن جرائم الفساد ضعيف، مرجعة ذلك لخوفهم من التعقيدات في الإجراءات التي قد تتخذ ضدهم، وأكدت أيضاً أن ضعف المراجعة الداخلية لدى الأجهزة الحكومية، والمراجعة المستمرة وتطوير اللوائح والتعليمات الخاصة بمكافحة الفساد أمر ضروري، خصوصاً مع تدني مستوى الرقابة الداخلية، وضعف التنسيق بين الأجهزة الحكومية خاصة فيما يتعلق بتبادل المعلومات. مطالب المشاركين في الندوة دمج الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مع ديوان المراقبة في جهاز واحد بسبب مشاكل تداخل الصلاحيات. دعوة "نزاهة" للابتعاد قليلاً عن التوعية والتثقيف للمواطنين بتجنب مواطن الفساد وعن الخوض فيه، بعد أن أخذ هذا الجانب زخما كبيرا، والتركيز على مواجهة المفسدين لدى الجهات الحكومية. أن تبحث "نزاهة" عن المنافذ والمداخل التي يظهر منها الفساد، قبل ظهوره ومكافحته. محاربة الفساد الذي يحميه القانون والنظام عبر ثغراته، بتعديل الأنظمة والنصوص التي تعمل عليها حالياً الجهات الحكومية. تجديد دماء المسؤولين لدى الدوائر الحكومية. مكافحة فساد المسؤولين الحكوميين، الذين يستثمرون في مشاريع أثناء عملهم الرسمي بعد أن أقروا الأنظمة لمصلحتهم الخاصة. إجراء بحث واستطلاع موسع عن رضا المواطنين عن أداء هيئة مكافحة الفساد لعملها. إنشاء جهة مركزية تشرف وتتابع كل مشاريع الدولة وترتبط مباشرة بالملك. إلزام منفذي المشاريع بأن تكون المشتريات الحكومية من داخل السعودية.