سميت قديمًا «مدينة اللؤلؤ» وتضم مسجد مكة أحد أكبر مساجد الهند. لا شيء يمكنه أن يهيئك نفسيًا لرؤية المشهد الرائع، والإطلالة البانورامية إلا بعد أن تكون بذلت جهدًا كبيرًا في تسلق الأدراج الشاهقة الارتفاع لشارمينار «المآذن الأربع»، لتطل على المدينة القديمة حيدرآباد في عظمتها وعشوائيتها. وبحر من العربات ذات الإطارات الثلاثية التي أصبحت رمزًا للمدن في جنوب آسيا، حيث تشكل معظم وسائل النقل الخاص. وتتنقل في متاهات الشوارع الضيقة، وتكاد تصطدم مع بعضها لشدة الازدحام متجنبًا المارة بمهارة شديدة. مسجد مكة هذه المدينة تعج بباعة الأساور، واللؤلؤ، والأقمشة، والبهارات، والحلويات، والملابس، يصرخون من أعماق حناجرهم لجذب الزبائن والمتسوقين. ولكي تشعر بنبض مدينة حيدر آباد مدينة الثمانية ملايين نسمة، يجب الحضور إلى هذا المكان. إن شارمينار «ومعناها المآذن الأربع» هي لمدينة حيدر آباد كساعة بيغ بن في مدينة لندن، وبرج إيفل في باريس. لقد بناها في عام 1591 السلطان محمد قولي قطب شاه، وهو حفيد قولي قطب شاه، مؤسس الأسرة المالكة قطب شاه. ويقال إن السلطان ابتهل لله ودعاه أن يرفع وباء الطاعون عن البلاد بعد أن فتك بمملكته. وحين استجاب الله دعاءه قرر أن يبني المآذن الأربع «شارمينار» في المكان نفسه الذي دعا فيه الله وصلى له. يبلغ ارتفاع المآذن 48.7 متر. آنذاك كان يتأتى رؤية الزوايا الأربع للمدينة التي تضم مسجدًا صغيرًا من كل جانب. في مقابل شارنيمار يقع مسجد مكة، وهو أكبر مسجد في حيدر آباد، وأحد أكبر مساجد الهند. لقد استغرق بناؤه 77 عامًا. تم البدء في بنائه من قبل السلطان محمد قولي قطب شاه في عام 1617 وانتهى من بنائه في عام 1694 في عهد الإمبراطور أورنجزيب. بني المسجد من أحجار الغرانيت. كتب الرحالة الفرنسي جون بابتيست تافيرنيه في كتابه قائلاً: «لقد مر خمسون عامًا منذ أن بدؤوا في بناء مسجد مكة في المدينة، وسيكون أكبر مسجد في الهند حين يكتمل بناؤه، وإن حجم الحجارة المستخدمة في بنائه هي في ذاتها إنجاز كبير. يتشكل المحراب من صخرة كبيرة بحجم هائل استغرق نحتها خمسة أعوام كاملة. وكان يعمل على نحتها 500 عامل إلى 600 عامل يتناوبون عليها باستمرار». بالرغم من أن المسجد مفتوح للزيارة في جميع الأوقات «ما عدا فترة الصلوات»، فإن أفضل منظر له من أعلى المآذن الأربع. مدينة اللؤلؤ أفضل طريقة لتمضية الوقت في المدينة هي أن تطلق لنفسك عنانها، وتهيم على وجهك في الشوارع والممرات الضيقة، وستظهر لك المفاجأة تلو الأخرى. فأفضل المطاعم في المدينة موجود في هذه الأزقة. يمكنك أن تبدأ نهارك في أحد المطاعم بإفطار مشبع من الخبز الفطير «النان» وحساء مقادم الغنم «البايا». من منا لم يسمع بالبرياني الشهير من حيدر آباد؟ يمكن الاستنتاج بسهولة أن منشأه الأصلي كان في حيدر آباد. ويمكنك للغداء أو العشاء التوجه إلى فندق شداب في المبنى المشهور المسمى «المدينة». في هذا المكان المتواضع يمكنك أن تحصل على أفضل لحم غنم برياني مطبوخ بمبلغ 110 روبيات، أي ما يعادل 10 ريالات فقط. وكانت حيدر آباد تعرف بأنها «مدينة اللؤلؤ» أو «مدينة البرياني»، أما الآن فيطلق عليها «سايبر آباد» بسبب نمو صناعة تقنية المعلومات المعلوماتية فيها، ما جعل المدينة من أكبر محاور التقنية العالية في آسيا. أما المدينةالجديدة فهي مدينة صاخبة تعلوها الجسور وتنتصب فيها ناطحات السحاب، ولكن تبقى روح حيدر آباد في قلب مدينتها القديمة. ومن الأماكن الرائعة في هذه المدينة قصر فلك نوما المترف لعائلة نظام, العائلة الحاكمة السابقة لمدينة حيدرآباد. لقد استحوذت عليه مجموعة تاج التي قررت تحويله إلى فندق خمسة نجوم. ومن الأماكن المهة التي لا يمكن إغفال زيارتها قلعة جولكوندا التي تعد الأعظم في الهند. ولم ييقَ منها الآن إلا بعض الآثار. وهي تقع في غرب المدينة، وقد بنيت في عهد حكم أسرة قطب شاه المالكة، ثم استولى عليها إمبراطور المغول أورانجزيب. وعليك ألا تفوتك رؤية عرض الإنارة والأصوات الذي يتم تقديمه في الأمسيات «تراوح أسعار البطاقات من 5 ريالات إلى 10 ريالات». حين تتجول بين أنقاض هذه القلعة التي يبلغ قطر محيطها 10 كيلو مترات يمكنك أن تتخيل العظمة التي كانت عليها مملكة قطب شاه، ويتاح لك أن تقف على الجهد الكبير الذي بذل للمحافظة عليها وحمايتها، إلا أنها انهارت بعد مجيء المغول عام 1787. وإذا كانت لديك اهتمامات بالمتاحف فستجد في مدينة حيدرآباد، غايتك: يمكنك زيارة متحفين في حيدرآباد، وهما من أفضل متاحف الهند. فالمتحف الرسمي أندهرا براديش يحتوي على تحف تعود إلى القرن الأول الميلادي. ولكن متحف سالار جونغ هو الأكثر شهرة في المدينة. وحسب إحصائيات مجلة الآثار الهندية، فإن هذا المتحف يحتوي على مقتنيات متعددة تجتمع فيها مهارات آسيوية وأوروبية ومن أقصى الشرق. فبعد زوال حكم سالار جونغ الثالث الذي عاش ما بين عامي 1889- 1949، والذي كان أغنى رجل في عصره، وبغياب ولي عهد يرثه، فإن معظم مقتنياته الفنية الثمينة تمتلكها الحكومة الهندية، ووضعتها في هذا المتحف الذي يحتوي على أوسع تشكيلة من مقتنيات شخص واحد في العالم أجمع. وقد أنفق سالار معظم أمواله لاقتناء أشياء نادرة وغريبة، وتحف ثمينة جدًا بما في ذلك الساعة الموسيقية الإنجليزية الصنع، وهي تجذب الكثير من زوار المتحف. وكذلك يعادله في جذب اهتمام الزوار التمثال الفرنسي المزدوج المصنوع من الخشب. إضافة إلى آلاف اللوحات والتحف الفنية وطقم كراسي من العاج. توجد في المتحف 77 غرفة، منها غرفة واحدة خصصت للمقتنيات الشخصية لسالار جونغ الثالث. وتحتوي على أشياء مثل كتبه في المدرسة الابتدائية، وصوره المأخوذة مع أشخاص مهمين في عهده، وكذلك ملابسه... وأشياء أخرى ===